ويطهر بكثرة الماء الطاهر عليه متدافعا حتى يزول تغيّره. ويلحق بحكمه ماء الحمام إذا كان له مادة.
______________________________________________________
وكلامه يحتمل أمرين :
أحدهما : وهو الظاهر ، أن يريد بدوام النبع استمراره حال ملاقاته للنجاسة ، ومرجعه إلى حصول المادة حينئذ ، وهو لا يزيد على اعتبار أصل النبع.
والثاني : أن يريد به عدم انقطاعه في أثناء الزمان ككثير من المياه التي تخرج في زمن الشتاء وتجفّ في الصيف ، وقد حمل جل من تأخر عنه كلامه على هذا المعنى.
وهو مما يقطع بفساده ، لأنه مخالف للنص ، والإجماع ، فيجب تنزيه كلام مثل هذا المحقق عنه.
واعلم أنه متى تغير شيء من الجاري اختص بالنجاسة ، دون ما فوقه ، وما تحته ، وما حاذاه ، إلاّ أن ينقص ما تحته عن الكر ويستوعب التغير عمود الماء فينجس ما تحت المتغير أيضا ، لانفصاله عما فوقه. ولو قلنا باشتراط كريته كان كالمحقون ، وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى.
قوله : ويطهر بكثرة الماء الطاهر عليه متدافعا حتى يزول تغيره.
لا يخفى أنّ توقف طهارة الجاري المتغير بالنجاسة على تدافع الماء الطاهر وتكاثره عليه حتى يزول التغير إنما يتم إذا اعتبرنا في تطهير الماء النجس امتزاج الماء الطاهر به ، وإلاّ فالمتجه الاكتفاء في طهارته بزوال تغيره مطلقا ، لمكان المادة.
ويجيء على قول العلامة ـ رحمهالله ـ باعتبار الكرية في الجاري اشتراط كون الماء الطاهرة المتدافع على النجس كراً فصاعدا ، ويلزمه أنه لو نقص عن الكرية يبقى ذلك الماء على النجاسة إلى أن يطهر بغيره ، وهو بعيد جدا.
قوله : ويلحق بحكمه ماء الحمام إذا كان له مادة.
المراد بماء الحمام ما في حياضه الصغار مما لا يبلغ الكر ، إذ حكم الكثير منه حكم غيره.