ولا يطهر بزوال التغيّر من نفسه ، ولا بتصفيق الرياح ، ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه تزيل عنه التغيّر.
______________________________________________________
قوله : ولا يطهر بزوال التغير من نفسه ، ولا بتصفيق الرياح ، ولا بوقوع أجسام طاهرة فيه تزيل عنه التغير.
ما اختاره المصنف ـ رحمهالله ـ من عدم الاكتفاء في طهارة الكثير من المحقون المتغير بالنجاسة بزوال تغيره بغير المطهر أشهر القولين في المسألة وأظهرهما ، استصحابا لبقاء حكم النجاسة إلى أن يثبت المزيل لها شرعا ، ومرجعه إلى عموم الأدلة الدالة على نجاسته بالتغير ، فإنها شاملة لتلك الحالة وما بعدها ، فيقف زوالها على حصول ما عدّه الشارع مطهرا.
وذهب الفاضل يحيى بن سعيد في الجامع إلى أنه يطهر بذلك (١) ، بناء على ما ذهب إليه من أنّ الماء النجس يطهر بالإتمام ، وهو في الحقيقة لازم لكل من قال بذلك. وربما صار بعض القائلين بعدم طهارة المتمم إلى الطهارة هنا أيضا ، مستدلا بأن الأصل في الماء الطهارة ، والحكم بالنجاسة للتغير ، فإذا زالت العلة انتفى المعلول. (٢).
وأجيب عنه بأن المعلول هنا هو حدوث النجاسة لا بقاؤها ، وقد تقرر في الأصول أن البقاء لا يحتاج إلى دليل في نفسه ، إذ الأصل أنّ ما ثبت دام إلى وجود قاطع ، وذلك معنى الاستصحاب. وفيه بحث ، فإن كل ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم ، فلا بد لدوامه من سبب ودليل سوى دليل الثبوت.
والحق أنّ الاستصحاب ليس بحجة إلاّ في ما دل الدليل على ثبوته ودوامه ،
__________________
(١) الجامع للشرائع : (١٨).
(٢) ذهب الى ذلك من العامة ابنا قدامة في المغني والشرح الكبير على متن المقنع ( ١ : ٥٩ ، ٦٤ ) ، ولم يذهب الى ذلك أحد من الخاصة ، كما هو المستفاد من كلام العلماء ، نعم احتمل العلامة في النهاية ( ١ : ٢٥٨ ) الطهارة هنا مع قوله بعدم طهارة القليل بإتمامه كرا في ص (٢٥٧).