الإنسان وأن يكون متعلّقاً بفعل غيره ، فتحصّل أنّ الطلب مباين للإرادة مفهوماً ومصداقاً (١). ( انتهى ملخّصاً ).
أقول : يرد عليه أيضاً :
أوّلاً : ما مرّ كراراً من أنّ النزاع ليس لغويّاً بل النزاع في ما اصطلح عليه الأشاعرة بالنسبة إلى الباري تعالى وإلتزموا بوجود صفتين له تعالى ، أحدهما يسمّى بالطلب والآخر يسمّى بالإرادة ، ونتيجته أنّ الطلب غير الإرادة ، لا أن يكون النزاع في أنّ مفهوم الطلب في اللّغة هل هو عين مفهوم الإرادة أو لا؟
ثانياً : لو سلّمنا كون النزاع لغويّاً فالصحيح أنّ للطلب في اللّغة قسماً واحداً يتعلّق بالفعل الخارجي فحسب ولا يكون له قسم آخر يسمّى بالطلب النفساني فقوله « إنّ الطلب عنوان للفعل سواء أكان الفعل نفسانياً أم خارجياً » لا محصّل له ، كما أنّ ما ذكره من الأمثلة تشهد لذلك ، فإنّ الطلب في جميعها متعلّق بأفعال خارجيّة كما لا يخفى.
فتحصّل ممّا ذكرنا أنّه لو كان النزاع نزاعاً لغويّاً فالحقّ مع القائلين بالتعدّد لأنّ الطلب فعل خارجي والإرادة أمر نفساني ، وأمّا إذا كان النزاع نزاعاً اصطلاحياً فلا شكّ في اتّحادهما بل لم يقل بالاختلاف أحد من الإماميّة ، وأمّا ما مرّ من المحقّق النائيني رحمهالله وتلميذه في المحاضرات فهو مبني على جعلهما النزاع لفظيّاً لغويّاً كما مرّ.
الأمر الثاني : فيما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله تحت عنوان « وهم ودفع » من أنّه ليس غرض الأصحاب والمعتزلة من قولهم : « أنّه ليس في النفس غير العلم في الجمل الخبريّة ، وغير الإرادة والتمنّي والترجّي والاستفهام في الجمل الإنشائيّة صفة اخرى قائمة بالنفس كانت كلاماً نفسياً ومدلولاً للكلام اللّفظي » إنّ تلك الصفات القائمة بالنفس هي المدلولات للكلام اللّفظي فيكون مدلول جملة « زيد قائم » « أعلم بقيام زيد » كما توهّمه القوشجي في شرح التجريد ، بل المدلول للكلام اللّفظي هو غير تلك الصفات ، فمدلول الجمل الخبريّة هو النسب الخبريّة المتحقّقة في الخارج ، وأمّا مدلول الجمل الإنشائيّة فهو ما ينشأ بالصيغ المخصوصة في عالم نفس الأمر من قصد ثبوت معانيها وتحقّقها ، نعم لا مضايقة عن كونها مدلولات له
__________________
(١) المحاضرات : ج ٢ ، ص ١٦.