أن يؤتي بمتعلّقات التكاليف الموجّهة إليه فقط حتّى لو كانت نسبة المصالح والملاكات إلى متعلّقات التكاليف من قبيل المسبّبات التوليديّة إلى أسبابها أو من قبيل العلّة والمعلول التكوينيين ، لأنّ الواجب في الحقيقة إنّما هو ذات المتعلّق لا بما أنّه سبب أو علّة ، فالغسلتان والمسحتان في باب الوضوء مثلاً واجبتان بذاتهما لا بما إنّهما موجبتان للطهارة الباطنية ، لأنّ هذا أمر خفي علينا لا بدّ للشارع من بيان أسبابه ، فإذا شكّ في مدخلية شيء في تماميّة علّيته أو سببيته ولم يكن دليل على أخذه في متعلّق التكليف فلا دليل على لزوم الإتيان به على العبد فيكون الشكّ شكّاً في ثبوت التكليف وموجباً لجريان البراءة.
هذا كلّه بناءً على أن يكون حال متعلّقات التكاليف بالنسبة إلى ملاكاتها من قبيل الأسباب والمسبّبات التوليديّة أو من قبيل العلّة والمعلول التكوينيين ، وأمّا إذا كان من قبيل المعدّ والمعدّ له كما هو الحقّ فعدم وجوب تحصيل الغرض أوضح لأنّه ليس حينئذٍ من فعل العبد ، فاللازم عليه هو إتيان متعلّق التكاليف فقط.
وإن شئت قلت : إنّ العبد لا يفهم من أمر المولى بالصّلاة مثلاً إلاّلزوم الإتيان بالقيام والركوع والسجود ونحوها ، وأمّا كيفية الغرض وخصوصّياته وأنّه بأي طريق يحصل فهي من شؤون المولى ، وعليه أن يبيّن للعبد الأسباب الموصلة إليه كالطبيب الذي عليه أن يبيّن للمريض مقدار الدواء وطريق استعماله ، وأمّا كيفية تأثيره ومقداره فهو أمر مرتبط بالطبيب ولا يفهمه المريض وإلاّ صار طبيباً ، وحينئذٍ ليس على العبد إلاّ العمل بالمتعلّقات بمقدار ما وصل إليه من البيان.
نعم إذا علم العبد تفصيلاً بغرض المولى وبأنّه لا يحصل بمتعلّق الأمر فقط يجب عليه إتيان المشكوك أيضاً كما إذا أمره المولى بالإتيان بالماء وعلم أنّ الغرض منه رفع عطشه ، فلو اهرق الماء بعد وصوله بيد المولى كان اللازم على العبد الإتيان به مرّة اخرى لعدم حصول الغرض ، وأمّا في صورة الاحتمال أو العلم الإجمالي فلا يجب عليه إلاّ الإتيان بمتعلّق الأمر بمقدار البيان وإلاّ لم يبق مورد للبراءة مطلقاً بل يجري الاشتغال في جميع موارد الشكّ.
ثالثاً : سلّمنا بوجوب تحصيل الغرض على العبد لكن تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان بالنسبة إلى الغرض أيضاً كما تجري بالنسبة إلى المأمور به لأنّه يمكن للمولى أن يبيّن مقدار غرضه ، فكما أنّ المأمور به أمره دائر بين الأقلّ والأكثر كذلك الغرض ، فإنّه أيضاً مقول