أمر يتعلّق بالخارج فإن طابقه فصادق وإلاّ فكاذب (١) ( انتهى ملخّصاً ).
لكن يرد عليه امور :
الأمر الأوّل : إنّه يستلزم كون جملة « بعت » الإنشائيّة والجملة المعادلة لها ( بناءً على ما ذهب إليه ) وهي « اعتبرت في نفسي ملكيّة هذا لزيد مثلاً » كالمترادفين فيصحّ حينئذٍ جعل إحديهما موضع الاخرى ، مع أنّه خلاف الوجدان ، لأنّا نجد بوجداننا إيجاد الملكيّة أو الزوجيّة مثلاً بجملة « بعت » أو « زوّجت » ولا نجده في جملة « اعتبرت في نفسي ملكيّة هذا » ( بعنوان الحكاية عمّا في ضميره ).
الأمر الثاني : إنّه لو كان حقيقة الإخبار إبراز قصد الحكاية فانه يستلزم أن لا تكون الجمل الخبريّة بنفسها مصاديق للحكاية عن الخارج ، وهو خلاف الوجدان ، لأنّا ندرك بصريح وجداننا إنّها حاكيات عن الخارج ، وأمّا ما ذكره من أنّها لا تدلّ على ثبوت النسبة في الخارج ولو ظنّاً إلاّبعد وثاقة المخبر والقرائن الخارجيّة فهو من قبيل الخلط بين الدلالة التكوينيّة كدلالة الدخّان على وجود النار ، والدلالة الوضعيّة الالتزاميّة كدلالة الألفاظ على معانيها ، والمنفي هو الثاني لا الأوّل.
وإن شئت قلت : الألفاظ كالصور المرتسمة ، فإنّها بأجمعها تحكي عن الخارج سواء كان هناك إنسان قصد الحكاية أم لا ، ومع ذلك هذه الصور قد تكون مطابقة للواقع واخرى مخالفة له.
الأمر ثالث : إنّ لازم كلامه قبول الإنشاء للصدق والكذب ، فإنّ من قال : « بعت داري » يحكي عن أمر نفساني خاصّ بناءً على ما ذكره من أنّه لإبراز ما في النفس ، وهذا قد يكون مطابقاً للواقع وقد يكون مخالفاً إذا لم يكن في نفسه من هذا الأمر الاعتباري عين ولا أثر.
الأمر الرابع : ( وهو العمدة ) إنّ الإنصاف كون حقيقة الإنشاء إيجاد أمر اعتباري بأسبابه المعتبرة عند العقلاء ، وبعبارة اخرى : حقائق هذه الامور ( الملكيّة والزوجيّة وغيرهما ) اعتبارات عقلائيّة وقد جعلوا للوصول إليها أسباباً ، ومن توسّل بهذه الأسباب فقد أوجدها في وعائها ، ولا ينافي ذلك أن يكون له شرائط مختلفة ممّا يعتبر في البائع والمشتري والعوضين ،
__________________
(١) راجع : المحاضرات : ج ٢ ، ص ٨٤ ـ ٨٩.