وقال المحقّق الخراساني رحمهالله في توضيح كلامهما : إنّ الدلالة على قسمين : تصوّريّة وتصديقيّة ، فإنّه تارةً يكون إطلاق اللفظ موجباً للانتقال إلى المعنى اللغوي ، واخرى للانتقال إلى مراد المتكلّم ، ثمّ قال : الدلالة التصديقيّة تابعة للإرادة ، فلا ينتقل السامع إلى المراد إذا صدر اللفظ من المتكلّم سهواً كما إذا صدر من وقوع حجر على حجر ، فدلالة اللفظ على المعنى التصديقي تابعة للإرادة تبعيّة مقام الإثبات للثبوت. ثمّ قال : وعليه يحمل كلام العلمين.
أقول : أوّلاً : كيف يمكن أن تتوقّف دلالة اللفظ على مراد المتكلّم على كشف إرادة المتكلّم ، مع أنّه لا حاجة إلى اللفظ بعد كشف الإرادة فإنّه تحصيل للحاصل؟
ثانياً : إنّا نحتاج في الدلالة التصديقيّة إلى امور أربع ، ومع تحقّقها تتحقّق الدلالة التصديقيّة ، ولا حاجة إلى كشف إرادة المتكلّم بالخصوص :
أوّلها : كون المتكلّم في مقام البيان.
ثانيها : عدم نصب القرينة على الخلاف.
ثالثها : كون المتكلّم عاقلاً شاعراً.
رابعها : ثبوت الأصل العقلائي ، وهو تطابق الإرادة الاستعماليّة مع الإرادة الجدّية ، ومع اجتماع الثلاثة الاولى تتحقّق الدلالة التصديقيّة الاستعماليّة ، وبعد انضمام الأمر الرابع إليها تتحقّق الدلالة التصديقية الجدّية ، وعليه فلا حاجة إلى كشف كون المتكلّم مريداً.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مرادهما من كون الدلالة تابعة للإرادة ليس شيئاً وراء ذلك ، والمراد أنّ دلالة اللفظ على مراد المتكلّم تفصيلاً فرع العلم الإجمالي بكونه في مقام بيان مراده ، فالدلالة تتبع الإرادة بهذا المعنى ، ولكن هذا يتفاوت مع ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله كما لا يخفى ، وعلى كلّ حال فهو أمر معقول.