وقيل بعدم اللزوم مطلقاً (١) ، وقيل بعدم اللزوم لو لم يتيسّر له البول (٢).
ولا دليل لهذين القولين ، وقد يستدلّ عليهما بتأويل الروايات الضعيفة المتقدّمة ، وهو كما ترى.
ثم إنّ الموجود في كلام الأصحاب تقييد البلل بالمشتبه ، وأما الأخبار فهي متفقة على إطلاق البلل وما في معناه ، مثل لفظ شيء المنكّر.
ويقع الإشكال في موضوع المسألة أنّه هل هو البلل الذي لا يعلم أنّه بول أو مني ، أو غيرهما ، بأن يحتمل كون مجموع ذلك البلل بولاً أو منياً أو غيرهما. أو أعم من ذلك ، فيدخل ما لو علم أنّه مذي مثلاً ، ولكن يشتبه عليه أنّه مختلط بالمني أو البول أم لا ؛ أو يعلم أنّه بول ، ولكن يشتبه عليه أنّه مختلط بالمني أم لا.
فإن خصصناه بالأوّل فلا يجب للثاني شيء.
وعلى هذا فلو لم يرَ شيئاً بعد الغسل ، وبال باختياره بولاً وافياً بعد الغسل ، فيلزم أن لا يكون عليه شيء أصلاً ، لعلمه بأنّه بول.
ويرد عليه : أنّ غاية ما علمه هو أنّ جلّ الخارج بول ، وأما أنّه لم يختلط بشيء من المني في المخرج فأنى له العلم به؟! وكيف يحكم بأنّ الخارج إنّما هو البول لا غير؟! فالصورة المفروضة في كلام الأصحاب ، المدّعى عليها الإجماع إما مجرد فرض قد يحصل بإخبار معصوم عليهالسلام ، وهو بعيد. أو مرادهم أنّ المعيار هو الخارج بالأصل ، لا بالتبع. وحينئذٍ فيلزمهم في المذي المظنون الاختلاط بالمني أو المتساوي الطرفين عدم وجوب شيء ، وهو بعيد.
مع أنّه يظهر من كلام بعضهم في تأويل بعض الأخبار الدالّة على أنّ الودي يجب
__________________
(١) الشرائع ١ : ٢٠ ، المختصر النافع ١ : ٩.
(٢) جامع المقاصد ١ : ٢٧٣.