وقد يتوهم من كلام الشيخ حمل رواية الحسن على التقيّة (١) ، وليس بذلك ، إذ مراد الشيخ التقيّة في حكم البئر ، لا في مقدار الكرّ كما لا يخفى.
احتجّوا للقميين بصحيحة إسماعيل بن جابر ، عن الصادق عليهالسلام قلت : وما الكرّ؟ قال : «ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار» (٢) ولا يضر عدم ذكر جميع الأبعاد ، لما مرّ ، مع أنّه روى الصدوق في المجالس وفي المقنع مرسلاً بذكر الأبعاد الثلاثة.
وتؤيّده صحيحته الأُخرى عنه عليهالسلام ، قلت : الماء الذي لا ينجّسه شيء؟ قال : «ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته» (٣) فإنّ الظاهر أنّه في المستدير ، وحاصل ضربه إنّ جعلنا الذراع عبارة عن شبرين يبلغ ثمانية وعشرين شبراً مع شيء زائد.
وتوهّم بعضهم أنّ هذا أقرب إلى التقدير الوزني من مساحة المشهور (٤) ، وهو باطل ، بل المشهور أقرب إليه ، فإنّ أقلّيّة كرّ القميين عن المشهور أكثر من أكثريّة كرّ المشهور كما لا يخفى على من وزنهما.
نعم إن فرضنا الصحيحة الأُخرى في المربع تكون أقرب الكلّ إليه ، وتكسيره حينئذٍ ستة وثلاثون شبراً ، وأين هو مما نحن فيه.
وتحقيق المقام أنّ الكرّ أمر تحقيقي لا تقريبي ، لكونه معياراً لحكم شرعي ، والأصل فيه الوزن لكونه أضبط ، والمفروض أنّ الطرفين يجمعون على اعتبار ألف ومائتي رطل كما مرّ ، ولا ريب أنّ كرّ القميين في الوزن أقلّ من ذلك ، فيسقط
__________________
(١) حيث قال بعدها : قد بيّنا أنّ حكم الآبار مفارق لحكم الغدران ، وأنّها تنجس بما يقع فيها ، وتطهر بنزح شيء منها ، سواء كان الماء فيها قليلاً أو كثيراً ، والوجه في هذا الخبر أن نحمله على ضرب من التقيّة لأنّه موافق لمذهب بعض العامة. التهذيب ١ : ٤٠٨.
(٢) الكافي ٣ : ٣ ح ٧ ، التهذيب ١ : ٣٧ ح ١٠١ ، وص ٤١ ح ١١٥ ، الوسائل ١ : ١١٨ أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٧.
(٣) التهذيب ١ : ٤١ ح ١٤ ، الوسائل ١ : ١٢١ أبواب الماء المطلق ب ١٠ ح ١.
(٤) نقله عن الأمين الأسترآبادي في الحدائق ١ : ٢٧٦.