فتارةً يقسّم باعتبار المستصحب ، فانّه قد يكون حكماً شرعياً ، وقد يكون غيره ، والحكم الشرعي قد يكون تكليفياً وقد يكون وضعياً ، وكذا قد يكون كلّياً وقد يكون جزئياً.
واخرى باعتبار منشأ اليقين ، فانّه قد يكون العقل وقد يكون غيره من الكتاب والسنّة أو السماع والرؤية كما إذا كان المستصحب من الامور الخارجية.
وثالثةً باعتبار منشأ الشك فانّه قد يكون الشك ناشئاً من احتمال انقضاء استعداده ذاتاً ، ويسمّى بالشك في المقتضي ، وقد يكون ناشئاً من احتمال طروء المانع مع اليقين بوجود المقتضي ، ويسمّى بالشك في الرافع ، وغير ذلك من التقسيمات التي تعرَّض لها الشيخ قدسسره (١).
وقد وقع الخلاف بينهم في حجية الاستصحاب مطلقاً ، وعدمها مطلقاً ، والتفصيل بين الحكم الشرعي وغيره تارةً ، وبين ما كان سبب اليقين بالحكم الشرعي الدليل العقلي وغيره اخرى ، وبين الشك في المقتضي والشك في الرافع ثالثة.
واختار الشيخ قدسسره (٢) التفصيل باعتبارين : الأوّل التفصيل بين الشك في المقتضي والشك في الرافع. والثاني : التفصيل بين ما كان سبب اليقين بالحكم الشرعي الدليل العقلي وغيره ، فأنكر حجية الاستصحاب في الأوّل في التفصيلين ، وإن كان إرجاع التفصيل الثاني إلى الأوّل ممكناً ، وحيث إنّ استقصاء هذه التفاصيل تطويل بلا طائل ، فالعمدة هو النظر إلى الأدلة التي أقاموها على
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٥٤٩.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥٥٤ و ٥٦١.