السابقة ، فانّه بلا شعور والتفات إلى البقاء وعدمه ، فلم يثبت استقرار سيرة العقلاء على العمل اعتماداً على الحالة السابقة.
ويدل على ما ذكرنا : أنّ ارتكاز العقلاء ليس مبنياً على التعبد ، بأن كان رئيسهم قد أمرهم بالعمل على طبق الحالة السابقة ، بل هو مبني على منشأ عقلائي ، كما أنّ جميع ارتكازيات العقلاء ناشئة من المبادئ العقلائية ، ولو كانت هنا جهة عقلائية تقتضي العمل على طبق الحالة السابقة لفهمناها ، فانّا من جملتهم.
وذكر المحقق النائيني قدسسره أنّ عملهم على طبق الحالة السابقة إنّما هو بإلهام إلهي حفظاً للنظام (١).
وفيه : أنّ المنكرين لحجية الاستصحاب لم يختل النظام عليهم بعدُ ، ولو كان حفظ النظام يقتضي ذلك لاختل على المنكرين.
وأمّا الكلام في المقام الثاني : وهو حجية السيرة على تقدير ثبوتها ، فالحق هو حجيتها ، لأنّ الشارع مع القدرة على الردع لم يردعهم عن ذلك. وعدم الردع مع القدرة عليه يدل على الرضا.
وأمّا ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره من أنّه تكفي في الردع الآيات الناهية عن العمل بغير علم (٢) ، فهو ينافي ما تقدّم منه في بحث حجية الخبر الواحد من أنّ الآيات واردة في اصول الدين أوّلاً ، وأنّ الردع بها لا يكون إلاّ على وجه دائر ثانياً (٣) فما ذكره من الجوابين عن الآيات الناهية عن العمل بغير
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٣٠ ، فوائد الاصول ٤ : ٣٣٢.
(٢) كفاية الاصول : ٣٨٧.
(٣) كفاية الاصول : ٣٠٣.