لقاعدة الطهارة ، ثمّ شككنا في بقاء طهارته لاحتمال ملاقاته النجاسة ، فانّه لا معنى لجريان الاستصحاب حينئذ ، إذ قاعدة الطهارة كما تدل على طهارته في الزمان الأوّل ، تدل على طهارته في الزمان الثاني والثالث إلى زمان العلم بالنجاسة. وبعبارة اخرى : ان أردنا جريان الاستصحاب في الطهارة الواقعية ، فلم يكن لنا يقين بها ، وإن أردنا جريانه في الطهارة الظاهرية ، فلا يكون لنا شك في ارتفاعها حتى نحتاج إلى الاستصحاب ، بل هي باقية يقيناً.
ومن هذا القبيل قاعدة الحل بل الاستصحاب أيضاً ، فاذا كان ثوب معلوم الطهارة ثمّ شككنا في ملاقاته البول مثلاً فاستصحبنا طهارته ، ثمّ شككنا في ملاقاته الدم مثلاً ، فلا معنى لاستصحاب الطهارة بعد تحقق هذا الشك الثاني ، إذ نفس الاستصحاب الأوّل متكفل لبيان طهارته إلى زمان العلم بالنجاسة.
هذا إذا قلنا في أمثال المقام بجريان الاستصحاب في الحكم وهو الطهارة. وأمّا إذا قلنا بجريان الاستصحاب في الموضوع دون الحكم ، أي عدم ملاقاة النجاسة ، لكون الشك في الطهارة مسبباً عن الشك في الملاقاة ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب بعد الشك الثاني في المثال ، فبالاستصحاب الأوّل نحكم بعدم ملاقاة البول وتترتب عليه الطهارة من هذه الجهة ، وبعد الشك في ملاقاة الدم نجري استصحاب عدم ملاقاة الدم ونحكم بالطهارة من هذه الحيثية ، وهذا الاستصحاب في الحقيقة خارج عن محل الكلام ، إذ الكلام في جريان الاستصحاب في موارد الاصول العملية ، والاستصحاب المذكور بما أنّه مسبوق بالعلم الوجداني فهو استصحاب في مورد العلم الوجداني لا في مورد الأصل.
القسم الثاني : أن لا يكون الأصل متكفلاً لبيان الحكم في الزمان الثاني والثالث ، كما إذا شككنا في طهارة ماء فحكمنا بطهارته للاستصحاب أو لقاعدة الطهارة ثمّ غسلنا به ثوباً متنجساً ، فلولا جريان الاستصحاب أو القاعدة في