ترتب الحرمة والنجاسة على عدم التذكية. ولا ينافي ذلك ما دل على كون حكم النجاسة مرتباً على موضوع الميتة بمقتضى أدلة نجاسة الميتة ، لأنّ الميتة عبارة عن كل ما لم يذكَّ ، فانّ التذكية أمر شرعي توقيفي ، فما عدا المذكى ميتة ، هذا ملخص جواب الشيخ قدسسره.
وفيه : أنّ كلام الفاضل التوني ناظر إلى خصوص النجاسة ، والمترتب على عدم تذكية الحيوان في الآيات والروايات هو حرمة الأكل وعدم جواز الصلاة فيه ، ولا ملازمة بينهما وبين النجاسة ، فانّ جملةً من أجزاء الحيوان المذكى يحرم أكلها مع أنّها طاهرة ، ولا تجوز الصلاة في شعر غير المأكول من الحيوان مع طهارته في الأكثر. وأمّا النجاسة فهي ثابتة لعنوان الميتة ، والموت في عرف المتشرعة على ما صرح به في المصباح المنير (١) زهاق النفس المستند إلى سبب غير شرعي ، كخروج الروح بحتف الأنف أو بالضرب أو بشق البطن ونحوها ، وعليه يكون الموت أمراً وجودياً ، فعند الشك فيه يجري استصحاب عدمه ، ولا يمكن إثباته باستصحاب عدم التذكية. نعم ، لو كانت الميتة عبارة عما مات ولم يستند موته إلى السبب الشرعي ، لصح جريان استصحاب عدم التذكية لاثبات النجاسة ، لكنّه غير ثابت ، بل الصحيح عدمه.
فما ذكره الفاضل التوني قدسسره من عدم صحة إثبات نجاسة الجلد المطروح باستصحاب عدم التذكية متين جداً ، وقد تقدّم تفصيل ذلك في بحث البراءة فراجع (٢) ، هذا تمام الكلام في القسم الثالث.
__________________
(١) المصباح المنير : ٥٨٤.
(٢) الجزء الثاني من هذا الكتاب ص ٣٦١ ـ ٣٦٢.