الفعل مقيداً في لسان الدليل بوجود الزمان لا بعدم ضدّه كما إذا كان الامساك مقيداً بالنهار وجواز الأكل والشرب مقيداً بالليل ، فيجري الاستصحاب في نفس الزمان على ما تقدّم (١).
وأمّا القسم الثاني : وهو ما كان الشك فيه في بقاء الحكم لشبهة حكمية ، فقد يكون الشك فيه لشبهة مفهومية كما إذا شككنا في أنّ الغروب الذي جعل غايةً لوجوب الامساك هل هو عبارة عن استتار القرص ، أو عن ذهاب الحمرة المشرقية ، وقد يكون الشك فيه لتعارض الأدلة كما في آخر وقت العشاءين لتردده بين انتصاف الليل كما هو المشهور أو طلوع الفجر كما ذهب إليه بعض ، مع الالتزام بحرمة التأخير عمداً عن نصف الليل.
وكيف كان ، فذهب الشيخ (٢) وتبعه جماعة ممن تأخر عنه منهم صاحب الكفاية (٣) قدسسره إلى أنّ الزمان إذا اخذ قيداً للفعل فلايجري الاستصحاب فيه ، وإذا اخذ ظرفاً فلا مانع من جريانه. ولكنّ المحقق النائيني (٤) قدسسره أنكر جريان الاستصحاب في كلا التقديرين ، لما اختاره سابقاً من عدم جريان الاستصحاب في الشك في المقتضي مع تفسيره بالشك في استعداد الشيء للبقاء في نفسه بلا حدوث شيء موجب لانعدامه. والشك في بقاء الليل والنهار من قبيل الشك في المقتضي بالمعنى المذكور ، فانّ الزمان المحدود كالليل والنهار مما يرتفع بنفسه بلا احتياج إلى وجود رافع.
__________________
(١) في ص ١٤٥ وما بعدها.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٦٤٨ و ٦٤٩.
(٣) كفاية الاصول : ٤٠٩.
(٤) أجود التقريرات ٤ : ١٠٩ و ١١٠.