أنّ الحلية ثابتة لحقيقة الحنطة ولو مع تبدل هذا العنوان كما إذا صار دقيقاً ثمّ عجيناً ثمّ خبزاً ، فيستفاد من حليتها الحلية في جميع هذه التبدلات ، ففي مثل ذلك لا نشك في بقاء الحكم في حال من الحالات حتى نحتاج إلى الاستصحاب.
واخرى يكون الأمر بعكس ذلك ـ أي يفهم العرف من نفس الدليل أنّ الحكم دائر مدار العنوان فيرتفع بارتفاعه ـ كما في موارد الاستحالة كاستحالة الكلب ملحاً ونحوها من موارد الاستحالات. وقد يستفاد ذلك في غير موارد الاستحالة كما في حرمة الخمر فانّها تابعة لصدق عنوانه ، فاذا تبدل عنوانه لم يحتمل بقاء حكمه ، ففي أمثال ذلك نقطع بارتفاع الحكم بمجرد تبدل العنوان ، فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب.
وثالثةً لا يستفاد أحد الأمرين من نفس الدليل ، فنشك في بقاء الحكم بعد تبدل العنوان لاحتمال مدخلية العنوان في ترتب الحكم ، وهذا كالتغير المأخوذ في نجاسة الماء ، فانّه لا يعلم أنّ النجاسة دائرة مدار التغير حدوثاً وبقاءً ، أو أنّها باقية بعد زوال التغير أيضاً لكونه علةً لحدوثها فقط. وهذا القسم هو محل الكلام في جريان الاستصحاب.
وظهر بما ذكرنا من تحقيق موارد الاستصحاب التعليقي أنّ تمثيلهم له بماء الزبيب غير صحيح ، فانّ الاستصحاب إنّما هو فيما إذا تبدلت حالة من حالات الموضوع فشك في بقاء حكمه ، والمقام ليس كذلك ، إذ ليس المأخوذ في دليل الحرمة هو عنوان العنب ليجري استصحاب الحرمة بعد كونه زبيباً ، بل المأخوذ فيه هو عصير العنب وهو الماء المخلوق في كامن ذاته بقدرة الله تعالى ، فانّ العصير ما يعصر من الشيء من الماء ، وبعد الجفاف وصيرورته زبيباً لا يبقى ماؤه الذي كان موضوعاً للحرمة بعد الغليان. وأمّا عصير الزبيب فليس هو إلاّماء آخر خارج عن حقيقته وصار حلواً بمجاورته ، فموضوع