والتحقيق يقتضي الالتزام بعكس ما ذكره الشيخ قدسسره ، فانّ ما ذكرناه (١) من المانع عن جريان الاستصحاب التعليقي في مسألة الزبيب لا يجري في موارد العقود التعليقية ، لأنّ ملخص ما ذكرناه من المانع في مسألة الزبيب ، هو أنّ موضوع الحرمة مركب ، والمفروض أنّه لم يتحقق بتمام أجزائه ، فلم يتحقق حكمه لنستصحبه ونحكم ببقائه ، وهذا بخلاف موارد العقود التعليقية فانّ الالتزام بمفاد العقد من المتعاقدين قد وقع في الخارج وأمضاه الشارع ، فقد تحقق هو في عالم الاعتبار ، فاذا شك في بقائه وارتفاعه بفسخ أحد المتعاقدين ، فالأصل يقتضي بقاءه وعدم ارتفاعه بالفسخ.
وبالجملة : الفسخ في العقود نظير النسخ في التكاليف ، وقد ذكرنا (٢) أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب التعليقي في النسخ ، فكذا لا مانع من جريانه في الفسخ. نعم ، إذا بنينا على عدم جريان الاستصحاب في موارد الشك في النسخ ، كان موارد الشك في بقاء الحكم بعد الفسخ أيضاً مثلها.
الثاني : لو بنينا على جريان الاستصحاب التعليقي في نفسه ، فهل يعارضه الاستصحاب التنجيزي فيسقطان بالمعارضة أم لا؟ ربما يقال بالمعارضة ، فلا ثمرة للقول بجريان الاستصحاب التعليقي ، بيان المعارضة : أنّ مقتضى الاستصحاب التعليقي في مسألة الزبيب مثلاً هو حرمته بعد الغليان ، ولكن مقتضى الاستصحاب التنجيزي حليته ، فانّه كان حلالاً قبل الغليان ونشك في بقاء حليته بعده ، فمقتضى الاستصحاب بقاؤها ، فيقع التعارض بين الاستصحابين فيسقطان.
وقد اجيب عن المعارضة بجوابين :
__________________
(١) ، (٢) في ص ١٦٤.