وأمّا إذا بنينا على أنّ عنوان الأوّلية أمر بسيط منتزع من وجود يوم من الشهر غير مسبوق بيوم آخر منه ، كعنوان الحدوث المنتزع من الوجود المسبوق بالعدم ، وغير مركب من الوجود والعدم السابق ، لم يمكن إثبات هذا العنوان البسيط بالاستصحاب المذكور ، إلاّعلى القول بالأصل المثبت ، فانّ الأوّلية بهذا المعنى لازم عقلي للمستصحب ، وغير مسبوق باليقين ، وحيث إنّ التحقيق بساطة معنى الأوّلية بشهادة العرف ، لا يمكن إثباتها بالاستصحاب المزبور.
وقد ذكر المحقق النائيني (١) قدسسره أنّ إثبات كون المشكوك فيه أوّل شوال ، وإن لم يمكن الاستصحاب لكونه مثبتاً ، إلاّأ نّه يثبت لأجل النص (٢) الدال على ثبوت العيد برؤية الهلال ، أو بمضي ثلاثين يوماً من شهر رمضان ، فكلما مضى ثلاثون يوماً من شهر رمضان ، فيحكم بكون اليوم الذي بعده يوم العيد.
وهذا الجواب وإن كان صحيحاً ، إلاّأ نّه مختص بيوم عيد الفطر ، لاختصاص النص به ، فلا يثبت به أوّل شهر ذي الحجة مثلاً ، بل لا يثبت غير اليوم الأوّل من سائر أيام شوال ، فاذا كان أثر شرعي لليوم الخامس من شهر شوال مثلاً ، لم يمكن ترتيبه عليه ، لعدم النص فيه ، إلاّأن يتمسك فيه بعدم القول بالفصل.
ولكنّا في غنى عن هذا الجواب ، لامكان إثبات عنوان الأوّلية بالاستصحاب بنحو لا يكون من الأصل المثبت ، بتقريب أنّه بعد مضي دقيقة من اليوم الذي
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٣٩ ، فوائد الاصول ٤ : ٤٩٩ و ٥٠٠.
(٢) كما في الوسائل ١٠ : ٢٦٤ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٥ ح ١١.