الاكتفاء بما أتى به في مقام الامتثال.
وربّما يقال : بأنّ هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم تحقق المجموع المركب ، فاذا صلينا مع الشك في الطهارة مثلاً نستصحب عدم تحقق الصلاة مع الطهارة في الخارج.
وأجاب عنه المحقق النائيني قدسسره (١) بأنّ الشك في تحقق المجموع مسبب عن الشك في تحقق الجزء المشكوك فيه ، فاذا جرى الاستصحاب فيه كان حاكماً على استصحاب عدم تحقق المجموع.
وفيه : أنّ الاستصحاب السببي إنّما يكون حاكماً على الاستصحاب المسببي فيما إذا كانت السببية شرعية ، كما إذا غسلنا ثوباً متنجساً بماء شك في بقاء طهارته ، فانّ طهارة الماء سبب شرعي لطهارة الثوب المغسول به ، فباستصحاب الطهارة في الماء يرتفع الشك في طهارة الثوب ، وهذا بخلاف ما إذا كانت السببية عقلية ـ كما في المقام ـ فلا حكومة لأحد الأصلين على الآخر.
والتحقيق في الجواب أن يقال : إنّه إذا كان عنوان المجموع المركب موضوعاً لحكم ، فهو لا محالة عنوان بسيط لا يمكن إثباته باستصحاب أحد الجزأين ، مع قطع النظر عن المعارضة كما تقدم ، وهو خارج عن محل الكلام. وأمّا إذا كانت ذوات الأجزاء دخيلة في الحكم ولم يكن لعنوان المجموع دخل فيه ، فليس لنا شك في موضوع الحكم ، إذ المفروض أنّ أحد الجزأين محرز بالوجدان ، والآخر محرز بالأصل.
إذا تمهّدت هذه المقدمة فنقول : إذا شك في تقدم حادث وتأخره بالنسبة إلى حادث آخر ، فالصور المتصورة فيه ثمان : فانّ الحادثين إمّا أن يكونا مجهولي
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٤٧.