الاستصحاب كون زمان الحدوث معلوماً بالتفصيل ، فانّا لو علمنا بحدوث الطهارة ولم نعلم بكونها حادثةً في الساعة الاولى من النهار أو الساعة الثانية أو الثالثة ، وشككنا في بقائها أوّل الظهر مثلاً ، فهل يمكن المنع عن جريان الاستصحاب لعدم إحراز زمان الحدوث ، ولا يلتزم هو قدسسره أيضاً بعدم جريانه في المثال المذكور ، فيعلم أنّ مناط الاستصحاب إنّما هو اليقين الفعلي بالحدوث مع الشك في البقاء لا اليقين السابق ، فلا دخل لمعلومية زمان اليقين السابق أو مجهوليته في الاستصحاب.
فتحصل مما ذكرناه في المقام : أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في نفسه في مجهولي التاريخ ، ولا في معلومه ، ولكنّه يسقط بالمعارضة ، لعدم إمكان التعبد بالمتضادين معاً ، والالتزام بالطهارة والحدث في آن واحد ، وبعد سقوط الاستصحاب للمعارضة لا بدّ من الرجوع إلى أصل آخر من الاشتغال أو البراءة ، وذلك يختلف باختلاف الموارد ، ففي مثل الصلاة لا بدّ من الوضوء تحصيلاً للفراغ اليقيني ، لكون الاشتغال يقينياً. وفي مثل مس المصحف تجري البراءة عن الحرمة. وكذا إذا علمنا بوجود الجنابة والغسل وشككنا في المتقدم منهما ، فبالنسبة إلى الصلاة يكون مورد قاعدة الاشتغال ، وبالنسبة إلى المكث في المسجد يكون مورد البراءة. وبالجملة : كل مورد علم توجه التكليف فيه وشك في مقام الامتثال ، فهو من موارد قاعدة الاشتغال ، وكل مورد شك في التكليف يكون من موارد البراءة ، هذا كله في الطهارة من الحدث وما قابلها.
وأمّا الطهارة من الخبث وما قابلها ، فلا ينبغي الاشكال في أنّه بعد تساقط الاستصحاب للمعارضة ، يكون المرجع هو قاعدة الطهارة المستفادة من قوله