أمّا القسم الأوّل : فيجري الاستصحاب فيه في الاتصاف وثبوت الوصف للموضوع ، بأن يقال : ثبوت العدالة لزيد كان متيقناً فالآن كما كان. وبعبارة اخرى : زيد المتصف بالعدالة كان موجوداً يقيناً ، والآن كما كان. ونظيره ما إذا شككنا في بقاء الزوجية بين امرأة وزوجها الغائب لاحتمال موته ، فيجري استصحاب بقاء الزوجية وتترتب عليه آثارها. نعم ، لا يترتب على هذا الاستصحاب الأثر الشرعي المتوقف على تحقق الموضوع في الخارج ، كجواز الاقتداء بزيد في مفروض المثال فانّه متوقف على وجود زيد العادل في الخارج ليركع بركوعه. وليس هذا من ناحية القصور في الاستصحاب ، بل من ناحية القصور في الأثر ، ولذا لا تكفي في ترتبه الأمارة كالبينة أيضاً ، لتوقفه على العلم الوجداني بوجود زيد العادل في الخارج.
وأمّا القسم الثالث : فيجري فيه الاستصحاب أيضاً ، لأنّ الأثر الشرعي مترتب على الموضوع المركب من وجود زيد وعدالته ، وقد ذكرنا في المباحث السابقة (١) : أنّه إذا كان الموضوع مركباً فتارةً يحرز أحدهما بالوجدان والآخر بالأصل ، كما إذا شككنا في بقاء كرية ماء موجود في الخارج ، فان وجود الماء محرز بالوجدان ، وكريته محرزة بالاستصحاب ، فيترتب عليه الحكم وهو عدم الانفعال ، وكذا إذا شككنا في بقاء إطلاقه مع العلم بكونه كراً ، فيحرز إطلاقه بالأصل ، وكريته بالوجدان.
واخرى يحرز كلاهما بالأصل ، كما إذا شككنا في بقاء كريته مع الشك في بقاء اطلاقه ، والمقام من هذا القبيل ، فبعد الشك في بقاء العدالة مع الشك في بقاء الحياة ، يجري الاستصحاب في كليهما. ومجرد كون أحدهما في طول الآخر
__________________
(١) مرّ أحد شقيه في ص ٢١٣.