الشبهة المفهومية ـ لما ذكرناه من عدم إحراز اتحاد القضيتين ـ لا يجري الاستصحاب الموضوعي أيضاً ، لعدم الشك في شيء راجع إلى الموضوع حتى يكون مورداً للاستصحاب ، فان استتار القرص متحقق يقيناً ، وذهاب الحمرة لم يتحقق كذلك. وأمّا استصحاب الموضوع بوصف الموضوعية ، فهو عبارة اخرى عن استصحاب الحكم ، إذ بقاء الموضوع بوصف الموضوعية ليس إلاّ عبارة اخرى عن بقاء الحكم.
ولا يخفى أنّ الشك في بقاء نجاسة المتنجسات بعد استحالتها داخل في هذا القسم ، فلو تنجست خشبة مثلاً ، ثمّ احترقت فصارت رماداً فشك في بقاء نجاستها لم يمكن التمسك باستصحابها ، إذ المتصيد من أبواب الفقه أن كل جسم لاقى نجساً فهو نجس ، ولا ندري أنّ الموضوع لهذا الحكم هل هو الجسم بما هو جسم ـ لتكون النجاسة باقيةً ببقاء الجسمية ـ أو الموضوع له هي الصورة النوعية الخشبية ، وأنّ أخذ الجسم في قولهم : كل جسم لاقى ... إنّما هو للاشارة إلى عموم الحكم وعدم اختصاصه بنوع دون نوع آخر.
وأمّا النجاسات العينية فهي من القسم الأوّل ، فانّ النجاسات العينية امور مخصوصة كالكلب مثلاً ، فاذا وقع في مملحة وصار ملحاً ، لايصدق عليه الكلب ، بل هو نوع من الملح ، ولذا حكم المحقق الثاني قدسسره ـ على ما حكاه الشيخ (١) قدسسره عنه ـ بارتفاع النجاسة بالاستحالة في باب النجاسات دون المتنجسات.
وتحصّل مما ذكرناه : أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب العلم بكون القيد غير مقوّم للموضوع كما في القسم الثاني ، ليحرز اتحاد القضية المتيقنة والقضية
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٩٤.