على طبق متفاهم العرف ، فالمتعين أخذ الموضوع من لسان الدليل الشرعي.
وهذا الذي ذكره وإن كان صحيحاً ، إلاّأ نّه خارج عن محل الكلام ولا ربط له بالمقام ، إذ الكلام في بقاء الحكم في ظرف الشك المستفاد من أدلة الاستصحاب الدالة على حرمة نقض اليقين بالشك ، من حيث إنّ جريان الاستصحاب والحكم بالبقاء متوقف على صدق نقض اليقين بالشك على رفع اليد عن الحكم السابق ، وصدقه متوقف على بقاء الموضوع واتحاده في القضية المتيقنة والقضية المشكوك فيها ، فهل المرجع في بقاء الموضوع هو الدليل الأوّل الدال على ثبوت الحكم ـ بأن كان جريان الاستصحاب تابعاً لبقاء الموضوع المأخوذ في لسانه ـ أو الدليل الثاني الدال على الابقاء في ظرف الشك ، فانّ الموضوع فيه النقض والمضي ، فيكون جريان الاستصحاب تابعاً لصدق النقض والمضي في نظر العرف بلا لحاظ الموضوع المأخوذ في لسان الدليل الأوّل.
فالمراد من أخذ الموضوع من العرف أنّ جريان الاستصحاب تابع لصدق النقض عرفاً بلا نظر إلى الدليل الأوّل ، والمراد من أخذه من الدليل الشرعي هو الرجوع إلى الدليل الأوّل.
توضيح المقام : أنّ لسان الدليل الدال على ثبوت الحكم مختلف ، فتارةً يقول المولى مثلاً : إنّ المسافر يقصّر. واخرى يقول : إنّ المكلف إن سافر قصر ، فمفاد هذين الكلامين وإن كان واحداً بحسب اللب ، وهو وجوب القصر على المسافر ، وقد ذكرنا غير مرة (١) أنّ الوصف المأخوذ في الموضوع يرجع إلى القضية الشرطية ، وكذا القضية الشرطية ترجع إلى اعتبار قيد في الموضوع ، إلاّ أنّ لسانهما مختلف بحسب مقام الاثبات ، فانّ الموضوع في الأوّل هو عنوان
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٢٢٠ ـ ٢٢١.