الوجه الثالث : أنّ المتيقن غير مقيد بالزمان في باب الاستصحاب ومقيد به في القاعدة ، فلا يمكن الجمع بينهما في دليل واحد.
توضيح ذلك : أنّ اجتماع اليقين والشك في شيء واحد ـ على نحو يكون زمانهما واحداً مع وحدة زمان متعلقهما ـ مستحيل بالضرورة ، فلا بدّ في اجتماعهما في شيء واحد من الاختلاف في الزمان ، إمّا من حيث المتعلق كما في موارد الاستصحاب ، فان متعلق اليقين هو عدالة زيد يوم الجمعة مثلاً ، ومتعلق الشك هو عدالته يوم السبت ، سواء كان حدوث اليقين والشك في زمان واحد أو في زمانين. وإمّا من حيث نفس اليقين والشك كما في موارد القاعدة ، فان متعلق اليقين والشك فيها هو عدالة زيد يوم الجمعة مثلاً ، مع كون الشك متأخراً عن اليقين زماناً ، فيكون الزمان في موارد القاعدة قيداً للمتيقن ، وفي موارد الاستصحاب ظرفاً لا قيداً ، فكيف يمكن اعتبار كون الزمان قيداً وغير قيد في دليل واحد.
هذه هي الوجوه التي ذكرها العلاّمة النائيني قدسسره لاختصاص الأخبار بالاستصحاب وعدم شمولها للقاعدة.
وللنظر في كل واحد منها مجال واسع ، أمّا الوجه الأوّل ، ففيه : أنّ الموضوع هو اليقين المتعقب بالشك ، وحكمه حرمة نقضه به ، وكون الحدوث محرزاً أو غير محرز مما لا دخل له في الحكم المذكور ، بل هما من خصوصيات الموارد ، إذ الشك المسبوق باليقين قد يكون متعلقاً ببقاء ما تعلق به اليقين ، فيكون حدوثه محرزاً باليقين في ظرف الشك ، وقد يكون متعلقاً بعين ما تعلق به اليقين ، فيكون حدوثه غير محرز ، لكون الشك متعلقاً بحدوثه. والاختلاف الناشئ من خصوصيات الموارد لا يمنع عن التمسك باطلاق القضية الدالة على حرمة نقض اليقين بالشك ، كما أنّ اختلاف خصوصيات موارد الاستصحاب لا يمنع عن