جنبه شيء وهو لا يعلم» (١) ومن المعلوم أنّ متعلق اليقين هو الطهارة قبل حركة شيء في جنبه ، ومتعلق الشك هو الطهارة بعدها ، فعلم أنّ الظهور الثاني ليس بمراد قطعاً ، فبقي الظهور الأوّل بحاله ، فلا يشمل موارد قاعدة اليقين ، لعدم وجود اليقين الفعلي فيها.
وأمّا الثاني : أي عدم شمول الأخبار للقاعدة لوجود المانع ، فلأنّ القاعدة معارضة بالاستصحاب دائماً ، إذ الشك في موارد القاعدة مسبوق بيقينين يكون باعتبار أحدهما مورداً للاستصحاب ، وباعتبار الآخر مورداً للقاعدة ، فيقع التعارض بينهما ، فاذا تيقنا بعدالة زيد يوم الجمعة مثلاً ، وشككنا يوم السبت في عدالته يوم الجمعة لاحتمال كون اليقين السابق جهلاً مركباً ، فباعتبار هذا اليقين تجري القاعدة ، ومقتضاها الحكم بعدالة زيد يوم الجمعة ، وحيث إنّه لنا يقين بعدم عدالته سابقاً وشك فيها يوم الجمعة ، يجري الاستصحاب ، ومقتضاه الحكم بعدم عدالته يوم الجمعة ، فلا محالة يقع التعارض بينهما ، فلا يمكن اجتماعهما في دليل واحد ، إذ جعل الحجية للمتعارضين بجعل واحد غير معقول. نعم ، لو دل دليل آخر ـ غير أدلة الاستصحاب ـ على حجية القاعدة ، لم يكن مانع من الأخذ به.
وتوهم أنّ التعبد بالمتعارضين مما لا يمكن ولو بدليلين ، مدفوع بأ نّه مع تعدد الدليل نخصص دليل الاستصحاب بدليل القاعدة ، بخلاف ما إذا كان الدليل واحداً ، فانّ شموله للمتعارضين مما لا معنى له. نعم ، يمكن فرض جريان القاعدة في موردٍ لا يكون فيه معارضاً بالاستصحاب ، ولكنّه نادر لا يمكن حمل الأخبار عليه.
__________________
(١) تقدّمت الرواية في ص ١٤.