ثبوت الصغرى تارةً يكون بالوجدان واخرى بالتعبد ، فاذا غسلنا ثوباً متنجساً بماء مستصحب الطهارة مثلاً ، يحكم بطهارة الثوب لأنّ الموضوع للحكم بطهارته غسله بماء طاهر ، وقد ثبتت طهارة الماء بالتعبد ، والغسل به بالوجدان ، فيترتب عليه الحكم بطهارة الثوب في مرحلة الظاهر ، وإن احتملت نجاسته في الواقع ، وهذا الذي ذكرناه ـ من الحكم بالطهارة في الظاهر ـ هو مراد صاحب الكفاية من قوله : إنّ من آثار طهارة الماء طهارة الثوب المغسول به (١) إذ ليس مراده حصول الطهارة الواقعية للثوب المتنجس المغسول بماء مستصحب الطهارة كما هو ظاهر.
وربّما يتوهّم أنّه من هذا القبيل ما إذا شك في جواز الصلاة في جلد حيوان للشك في كونه مأكول اللحم ، فانّ الشك في جواز الصلاة في جلده مسبب عن الشك في حلية لحمه ، وجوازها فيه أثر من آثار حلية لحمه ، فاذا احرزت حليته بأصالة الحل يترتب عليها الحكم بجواز الصلاة في جلده أو غير الجلد من أجزائه.
لكنّه فاسد ، لأنّ أصالة الحل إنّما تفيد الترخيص الفعلي بمعنى عدم العقاب عليه على تقدير حرمته واقعاً ، وجواز الصلاة ليس مترتباً على الحلية الفعلية ، بل على حلية لحم الحيوان بطبعه ، فانّه إذا اضطر إنسان إلى أكل لحم الأسد مثلاً يحل له أكله ، ومع ذلك لا تجوز الصلاة في جلده يقيناً. وإذا كان لحم الغنم حراماً على أحد فعلاً لكونه مضراً له ، لا تكون هذه الحرمة موجبةً لعدم جواز الصلاة في جلده. نعم ، لو كان حيوان مما حلّ لحمه بطبعه ، وشك في بقاء حليته للشك في عروض ما يوجب حرمته كالجلل ووطء الانسان ، فيجري فيه
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٣١.