وأمّا الثاني : ففيه الأمر بالامضاء وهو مساوق للنهي عن النقض ، لأنّ الامضاء هو الجري فيما له ثبات ودوام ، ويشهد له ما في ذيل الخبر من أنّ اليقين لا يدفع بالشك ، لأنّ الدفع إنّما يكون في شيء يكون له الاقتضاء. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب مراد الشيخ قدسسره.
وللنظر فيه مجال واسع ، تارةً بالنقض واخرى بالحل.
أمّا النقض فبامور :
الأوّل : استصحاب عدم النسخ في الحكم الشرعي فانّ الشيخ قائل به (١) ، بل ادعي عليه الاجماع حتى من المنكرين لحجية الاستصحاب ، بل هو من ضرورة الدين على ما ذكره المحدث الاسترابادي (٢) ، مع أنّ الشك فيه من قبيل الشك في المقتضي ، لأنّه لم يحرز فيه من الأوّل جعل الحكم مستمراً أو محدوداً إلى غاية ، فانّ النسخ في الحقيقة انتهاء أمد الحكم ، وإلاّ لزم البداء المستحيل في حقّه تعالى.
الثاني : الاستصحاب في الموضوعات ، فانّه قائل به مفصّلاً بين الشك في المقتضي والشك في الرافع كما ذكره في أوّل تنبيهات الاستصحاب (٣) ومثَّل للشك في الرافع بالشك في كون الحدث أكبر أو أصغر ، فتوضأ فيكون الشك شكاً في الرافع ، فيجري استصحاب الحدث. ومثَّل للشك في المقتضي بالشك في كون حيوان من جنس الحيوان الفلاني الذي يعيش خمسين سنة أو من جنس الحيوان الفلاني الذي يموت بعد ثلاثة أيّام مثلاً ، مع أنّه يلزم من تفصيله عدم
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٥٥.
(٢) الفوائد المدنية : ١٤٣.
(٣) لاحظ فرائد الاصول ٢ : ٦٣٨.