يكن المتيقن بنفسه مقتضياً للجري العملي لاحتمال كونه محدوداً بزمان معيّن ، فلايكون عدم ترتيب الآثار عليه نقضاً لليقين ، فلا يشمله قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» هذا هو الوجه في التفصيل بين الشك في المقتضي والشك في الرافع.
وقد يقال في المقام رداً على الشيخ قدسسره في التفصيل المذكور : إنّ دليل الاستصحاب غير منحصر في الأخبار المشتملة على لفظ النقض حتى يختص بالشك في الرافع ، بل هناك خبران آخران لا يشتملان على لفظ النقض ، فيعمّان موارد الشك في المقتضي أيضاً ، الأوّل : رواية عبدالله بن سنان الواردة في من يعير ثوبه للذمي وهو يعلم أنّه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير ، قال : فهل عليَّ أن أغسله؟ فقال عليهالسلام : لا ، لأنّك أعرته إيّاه وهو طاهر ، ولم تستيقن أنّه نجّسه (١). الثاني : خبر محمّد بن مسلم عن الصادق عليهالسلام «من كان على يقين فشك فليمض على يقينه فانّ اليقين لا يدفع بالشك» (٢).
والجواب عنهما واضح ، أمّا الأوّل : فمورده هو الشك في الرافع ، لأنّ الطهارة مما له دوام في نفسه لولا الرافع ، فلا وجه للتعدي عنه إلى الشك في المقتضي. وأمّا التعدي عن خصوصية الثوب إلى غيره وعن خصوصية الذمي إلى نجاسة اخرى وعن خصوصية الطهارة المتيقنة إلى غيرها ، فإنّما هو للقطع بعدم دخل هذه الخصوصيات في الحكم ، ولكنّ التعدي عن الشك في الرافع إلى الشك في المقتضي يكون بلا دليل.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٥٢١ / أبواب النجاسات ب ٧٤ ح ١.
(٢) الوسائل ١ : ٢٤٦ و ٢٤٧ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٦ وفيه : «فانّ الشك لا ينقض اليقين» ومستدرك الوسائل ١ : ٢٢٨ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ٤.