النظر عن الصحيحة والموثقة ، إذ المراد من التجاوز في قاعدة التجاوز هو التجاوز عن محل الشيء المشكوك فيه ، وهو لا يتحقق إلاّبالدخول في الغير ، ولذا ذكرنا (١) أنّ ذكر الدخول في الغير قيد توضيحي ، وأ نّه يفهم اعتبار الدخول في الغير من اعتبار نفس التجاوز عن محل الشيء المشكوك فيه ، بخلاف المضي المذكور في قاعدة الفراغ ، فانّ المراد منه مضي نفس المشكوك فيه ، وهو يتحقق بالفراغ منه ولو مع عدم الدخول في الغير ، فاعتبار الدخول في الغير في موارد قاعدة التجاوز إنّما هو لكونه مقوّماً لموضوع التجاوز لا لأمر آخر اعتبر في جريان القاعدة بعد صدق التجاوز خارجاً ، فلو فرض تحقق عنوان التجاوز ـ بدون الدخول في الغير كما في موارد قاعدة الفراغ ـ لم يكن موجب لتقييده بالدخول في الغير.
ومما يتوهّم كونه مقيداً للاطلاق موثقة ابن أبي يعفور ، وهي قوله عليهالسلام : «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره ، فليس شكك بشيء ، إنّما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه» (٢) فانّ موردها قاعدة الفراغ ، لعدم جريان قاعدة التجاوز في الوضوء للنص الخاص (٣) وبما أنّه قد ذكر فيها الدخول في الغير ، فلا بدّ من اعتباره في جريانها.
وفيه أوّلاً : ما ذكرناه سابقاً (٤) من إجمال هذه الموثقة وعدم صلاحيتها للاستدلال ، لاحتمال رجوع الضمير في قوله عليهالسلام : «وقد دخلت في
__________________
(١) في ص ٣٣٨ ـ ٣٣٩.
(٢) الوسائل ١ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠ / أبواب الوضوء ب ٤٢ ح ٢.
(٣) وهو صحيح زرارة الآتي في ص ٣٤٤.
(٤) في ص ٣٣٢.