لا محالة ، لامتناع الطفرة. وعلى تقدير إمكانها في نفسها لا تكون مقدورةً للمكلف ، فيكون الأمر به لغواً. وكذا النهوض مما لا بدّ منه بعد الأمر بالقيام ، لامتناع الطفرة أو عدم كونها مقدورةً للمكلف ، فلا حاجة إلى الأمر به بعد الأمر بالقيام.
وأمّا مع ملاحظة النصوص ، فلما سيجيء قريباً إن شاء الله تعالى.
وفصّل صاحب المدارك (١) بين المقامين : فقال بجريان القاعدة في المقام الأوّل ، وعدمه في الثاني. واعترض عليه صاحب الحدائق (٢) بما حاصله : أنّ التفصيل بين المقامين كالجمع بين المتناقضين ، لأن لفظ الغير المذكور في الروايات الدالة على قاعدة التجاوز إن كان شاملاً للمقدمات ، فتجري القاعدة في المقامين ، وإلاّ فلا تجري فيهما.
والانصاف أنّ هذا الاعتراض مما لاينبغي صدوره من مثله ، إذ ليست قاعدة التجاوز من القواعد العقلية التي لا تكون قابلة للتخصيص كاستحالة اجتماع الضدين مثلاً ، بل من القواعد الشرعية التي تعميمها وتخصيصها بيد الشارع ، فله أن يخصصها بموردٍ دون مورد ، كما حكم بجريانها في الصلاة وبعدمه في الوضوء ، فلا بدّ من ملاحظة الدليل الذي أقامه صاحب المدارك للتفصيل المذكور ، وأ نّه وافٍ بالتفصيل أم لا.
فنقول : نظره في هذا التفصيل إلى روايتين : الاولى : رواية (٣) عبدالرحمن بن
__________________
(١) مدارك الأحكام ٤ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠.
(٢) الحدائق الناضرة ٩ : ١٧٧.
(٣) نقل في الوسائل عن محمّد بن الحسن عن سعد عن أحمد بن محمّد عن أحمد بن محمّد.