وفيه : أنّ الموثقة غير صالحة لتقييد الصحيحة ، أمّا من حيث المنطوق فواضح ، إذ لا منافاة بين الحكم بعدم الاعتناء بالشك في الركوع بعد الدخول في السجود ، وبين الحكم بعدم الاعتناء بالشك في الركوع بعد الهوي إلى السجود مطلقاً سواء وصل إلى السجود أم لا.
وأمّا من حيث المفهوم ، فلأن مفهوم الشرط في قوله عليهالسلام : «إن شك في الركوع بعد ما سجد» إن لم يشك في الركوع بعد ما سجد ، فيكون الحكم في المفهوم منتفياً بانتفاء الموضوع وهو الشك. نعم ، لو كانت عبارة الموثقة هكذا : إن كان الشك في الركوع بعد ما سجد فليمض ... ، كان مفهومها : إن لم يكن الشك في الركوع بعد ما سجد ، بل كان الشك في الركوع قبل ما سجد فلا يمض ، إذ الشك مفروض الوجود في المنطوق والمفهوم ، فيكون مفهوم الموثقة مقيداً لاطلاق الصحيحة ، وقد تقدّم (١) نظير هذا الكلام في البحث عن الاستدلال بمفهوم آية النبأ لحجية خبر العادل من أنّ مفهوم قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ...)(٢) إن لم يجئ فاسق بنبأ ، فيكون خبر العادل خارجاً عن المفهوم. نعم ، لو كان النبأ مفروض الوجود في المنطوق والمفهوم ، كما إذا كان المنطوق هكذا : إنّ النبأ إن كان الجائي به فاسقاً فتبيّنوا ، كان مفهومه أنّ النبأ إن لم يكن الجائي به فاسقاً لا يجب التبين ، فيدل المفهوم على حجية خبر العادل ، والمقام من هذا القبيل بعينه.
والصحيح في الجواب عن الصحيحة أن يقال : إنّ دلالتها غير تامة على المدعى في نفسها ، وهو جريان قاعدة التجاوز في الشك في الركوع بعد الدخول
__________________
(١) في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص ١٨٧ ـ ١٩٠.
(٢) الحجرات ٤٩ : ٦.