المأمور به على المأتي به بعد العلم بصدور الأمر من المولى ، وهذا على قسمين : إذ الشك في التطبيق تارةً يكون راجعاً إلى أمر اختياري للمكلف من ترك جزء أو شرط أو إيجاد مانع. واخرى يكون راجعاً إلى أمر غير اختياري له ، ويعبّر عنه بالشك في الصحة مع كون صورة العمل محفوظة.
أمّا القسم الأوّل : فهو القدر المتيقن من مجرى قاعدة الفراغ.
وأمّا القسم الثاني : فالظاهر عدم كونه مورداً لجريان قاعدة الفراغ ، إذ كونه أذكر حين العمل إنّما هو بالنسبة إلى ما يصدر منه لا بالنسبة إلى شيء لم يصدر منه ، فان نسبته إليه حين العمل وحين الشك على حد سواء ، فلو صلى إلى جهة باعتقاد أنّها القبلة ، ثمّ بعد الفراغ شك في كونها القبلة ، لا مجال لجريان قاعدة الفراغ ، لأنّ صورة العمل الصادر منه محفوظة ، وهو غير شاك فيه ، إنّما الشك في الصحة من جهة أمر غير اختياري له ، وهو كون الكعبة المعظمة في هذه الجهة التي صلى إليها ، وليس هو حين العمل أذكر منه حين ما يشك بالنسبة إلى كون الكعبة في هذه الجهة ، فلا بدّ من إعادة الصلاة عملاً بقاعدة الاشتغال بعد عدم حجية قاعدة اليقين على ما ذكرناه (١). وكذالو شك في صحة الوضوء بعد الفراغ منه ، لاحتمال كون المائع الذي توضأ به مضافاً.
نعم ، لو علم بكون جهة خاصة هي القبلة وشك في أنّه صلى إليها أو إلى جهة اخرى ، تجري قاعدة الفراغ بلا إشكال ، لكون الشك راجعاً إلى كيفية صدور العمل منه لا إلى أمر غير اختياري. وكذالو علم بأنّ هذا الماء مطلق وذاك مضاف ، وشك بعد الوضوء في أنّه توضأ بأيهما ، لا إشكال في جريان قاعدة الفراغ.
__________________
(١) في ص ٢٨٧ وما بعدها