لجريان قاعدة التجاوز ، لكون الشك فيها شكاً في المحل ، فلا بدّ من الاعتناء بالشك واستئناف العمل لولا استصحاب عدم تحقق الفصل الطويل. ويكون الشك المذكور في الحقيقة شكاً في وجود المانع ، وهو الفصل الطويل والأصل عدمه ، فيحكم بصحة الصلاة لأجل الاستصحاب لا لقاعدة التجاوز.
وأمّا الموالاة بين الكلمات من كلام واحد أو بين الحروف من كلمة واحدة ، فهي من الامور المعتبرة عقلاً لا من الشرائط الشرعية ، لأنّها مما لا بدّ منه في صدق الكلام والكلمة عرفاً ، فانّه لو تكلم بكلمة من كلام ثمّ تكلم بكلمة اخرى منه بعد مدة طويلة مانعة عن صدق الكلام عرفاً ، لا يكون كلاماً مفهماً للمعنى. وكذا الأمر في الموالاة بين الحروف من كلمة واحدة ، فلو شك في تحققها بعد الفراغ من الصلاة ، لا إشكال في جريان قاعدة الفراغ. وأمّا لو شك في الأثناء ، فلا مجال لجريان قاعدة الفراغ ولا قاعدة التجاوز ، بلا فرق بين كون الشك بعد الدخول في كلمة لاحقة أو حرف لاحق أو قبله ، لأنّ الشك في الموالاة هاهنا يكون في الحقيقة شكاً في وجود الكلام أو الكلمة مع عدم تجاوز المحل ، فلا تجري قاعدة الفراغ لعدم كون الشك شكاً في الصحة ، بل في الوجود ، ولا قاعدة التجاوز لعدم تجاوز المحل ، فلا بدّ من الاعتناء بالشك.
وظهر بما ذكرناه حكم الشك في النية ، فانّ النية بمعنى قصد القربة من الامور المعتبرة في العبادات شرعاً لا من الشرائط العقلية على ما ذكرناه في محلّه (١) ، فلو شك في تحققها بعد الفراغ من العمل تجري قاعدة الفراغ بلا إشكال. وكذا لو شك في أثناء العمل في تحققها حين الاتيان بالأجزاء السابقة ، تجري قاعدة الفراغ أيضاً ويحكم بصحة الأجزاء السابقة.
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٥١٩ وما بعدها.