الاستصحاب الموضوعي عليها ، بل لعدم جريانها في نفسها مع قطع النظر عن الاستصحاب المذكور ، لما ذكرناه (١) من أنّها متوقفة على إحراز قابلية الفاعل والمورد ، فمع الشك في قابلية المورد ـ كما في المثال الأوّل ـ أو في قابلية الفاعل ـ كما في المثال الثاني ـ لا تجري أصالة الصحة ، لعدم تحقق السيرة على الحمل على الصحة إلاّبعد إحراز القابلية ، فهي غير جارية ولو لم يجر الاستصحاب أيضاً ، فعدم جريان أصالة الصحة في هذه الأمثلة إنّما هو لعدم المقتضي ، لا لوجود المانع.
واعلم أنّ المحقق النائيني (٢) قدسسره ذكر في المقام أنّه على القول بكون أصالة الصحة من الأمارات ، والاستصحاب من الاصول لا إشكال في تقديمها عليه. وعلى القول بالعكس لا إشكال في العكس ، وأطال الكلام في تقديم أحدهما على الآخر على القول بكون كليهما من الأمارات أو من الاصول.
وظهر بما ذكرناه أنّ هذه التفصيلات لا ترجع إلى محصل ، لأنّا ذكرنا أنّ الدليل على أصالة الصحة هي السيرة ، ففي كل مورد جرت السيرة فيه على الحمل على الصحة ، فلا محالة تكون أصالة الصحة جاريةً ومقدمةً على الاستصحاب ولو على القول بكونها من الاصول والاستصحاب من الأمارات ، إذ تحقق السيرة على الحمل على الصحة كالنص المخصص لدليل الاستصحاب ، وفي موردٍ لم يحرز قيام السيرة على الحمل على الصحة فيه ـ كما في موارد الشك في القابلية ـ يقدّم الاستصحاب عليها حتى على القول بكونها من الأمارات والاستصحاب من الاصول ، لعدم جريانها في نفسها ، لا لمعارضة الاستصحاب
__________________
(١) في الجهة الخامسة ص ٣٩٣.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ٢٥٤ وما بعدها ، راجع أيضاً فوائد الاصول ٤ : ٦٦٩ وما بعدها.