إلى نفس العام. وهذا هو الفارق بين التخصيص والحكومة المصطلحة ، فانّ الدليل الحاكم حاكم على نفس الدليل المحكوم في الحكومة الاصطلاحية ، بخلاف التخصيص ، إذ الخاص ليس حاكماً على نفس العام ، بل حاكم على دليل حجية العام ، على ما عرفت.
ولا يتوقف تقديم الخاص على العام على كون الخاص أظهر والعام ظاهراً ، على ما يظهر من كلام الشيخ قدسسره (١) فانّه علل تقديم الخاص على العام بكون الخاص نصاً أو أظهر ، فيقدّم على الظاهر وهو العام ، وذلك لما ذكرناه من أنّ موضوع حجية العام هو الشك ، وبورود الخاص يرتفع الشك ، فيسقط العام عن الحجية ولو كان في أعلى مرتبة من الظهور ، فيقدّم الخاص عليه وإن كان في أدنى مراتبه. وكذا الأمر في كل قرينة مع ذيها ، فانّ القرينة مع إحراز قرينيتها مقدّمة على ذي القرينة ولو كان ظهوره أقوى من ظهور القرينة.
وظهر بما ذكرناه أنّ ما ذكره صاحب الحدائق واحتمله صاحب الكفاية قدسسره (٢) أخيراً من أنّه يعامل مع العام والخاص معاملة المتعارضين من الرجوع إلى المرجحات وإلى التخيير مع فقدها ليس في محله ، إذ مع وجود الخاص يرتفع موضوع حجية العام ، وبعد عدم كون العام حجة لا معنى للتعارض بينه وبين الخاص ، لأنّ التعارض هو تنافي الحجتين من حيث المدلول.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٧٥١ ، ٧٨٤.
(٢) [لعلّه يشير إلى ما في الكفاية : ٤٤٩].