عن عدم كون الظاهر مراداً. هذا كله في القرينة القطعية.
وكذا الكلام في القرينة الظنية المعتبرة كالخبر ، فانّه أيضاً قرينة قطعية غاية الأمر أنّه ليس قرينة قطعية وجدانية ، بل قرينة قطعية تعبدية ، وغاية الفرق بين القرينة القطعية والقرينة الظنية : أنّ القرينة القطعية مقدّمة على العام مثلاً بالورود ، لارتفاع موضوع حجية العام وهو الشك بالوجدان ، إذ لا يبقى شك مع القرينة القطعية. والقرينة الظنية مقدّمة على العام بالحكومة ، لارتفاع موضوع حجيته وهو الشك بالتعبد الشرعي ، فالدليل الخاص وإن كان مخصصاً بالنسبة إلى الدليل العام ، لكنّه حاكم بالنسبة إلى دليل حجية العام ، إذ الموضوع المأخوذ في دليل الحجية هو الشك ، والدليل الخاص يرفع الشك تعبداً ، فمرجع التخصيص إلى الحكومة بالنسبة إلى دليل الحجية ، فلا منافاة بينهما على ما تقدم.
كما أنّ مرجع الحكومة إلى التخصيص ، فان مفاد قوله عليهالسلام : «لا ربا بين الوالد والولد» (١) هو نفي حرمة الربا بينهما ، وإن كان لسانه نفي الموضوع ، فهو تخصيص بالنسبة إلى الأدلة الدالة على حرمة الربا عموماً ، لكنّه تخصيص بلسان الحكومة. وكذا الأمر في كل قرينة مع ذيها ، فانّه إن كانت القرينة قطعية ، فهي واردة على ذي القرينة ، لكونها موجبة لارتفاع موضوع حجيته بالوجدان ، وإن كانت القرينة ظنية ، فهي حاكمة على ذيها ، لكونها موجبة لارتفاع موضوع حجيته بالتعبد الشرعي. وظهر بما ذكرناه أنّه لا تنافي بين الأظهر والظاهر فضلاً عن النص والظاهر فانّ الأظهر قرينة على إرادة الخلاف من الظاهر.
فتحصّل مما ذكرناه : أنّه لا تنافي بين العام والخاص ، وأنّ الخاص يقدّم على العام من باب الحكومة بالنسبة إلى دليل حجية العام وإن كان تخصيصاً بالنسبة
__________________
(١) تقدّم مصدره في ص ٤٢٠.