موضوعه وهو القدرة ، فليس له ملاك ليفوت ، بخلاف تقديم الوضوء ، فانّه يوجب تفويت مصلحة حفظ النفس ، لعدم كونها مشروطة بالقدرة على الفرض.
أقول : لو اعتبر في موضوع أحد التكليفين القدرة الشرعية ، بمعنى أن لا يكون المكلف بالفعل مشغول الذمة بواجب آخر لا يجتمع معه في الوجود ، فلا إشكال في تقديم ما هو غير مشروط بها على المشروط ، فانّ المفروض أنّ نفس توجه التكليف بما هو غير مشروط يمنع عن تحقق موضوع المشروط ، ولكن هذا الفرض خارج عن التزاحم ، لما ذكرناه سابقاً (١) من أنّ الملاك في التزاحم أن يكون امتثال أحد التكليفين موجباً لارتفاع موضوع الآخر ، وليس المقام كذلك فان نفس التكليف بغير المشروط رافع لموضوع المشروط وتعجيز للمكلف عنه ، ولذا ذكرنا في بحث الترتب أنّه لو لم يصرف قدرته في غير المشروط ، لا يصح المشروط ولو على القول بامكان الترتب.
وأمّا لو كانت القدرة المعتبرة في موضوع أحد التكليفين عبارة عن تمكن المكلف من الاتيان بمتعلقه خارجاً ، فلا إشكال حينئذ في فعلية المشروط ووجود المصلحة فيه لتحقق موضوعه ، كما أنّه لا إشكال في فعلية غير المشروط بها ، وبما أنّ المكلف غير متمكن من الجمع بينهما ، فلا محالة يتحقق التزاحم بينهما ، إلاّ أنّه لا دليل حينئذ على تقديم غير المشروط على المشروط ، إذ المفروض تمامية الملاك في الطرفين وعدم تمكن المكلف من استيفائهما معاً ، فلا بدّ من ملاحظة الأهمية في مقام الترجيح.
__________________
(١) في ص ٤٢٧ ـ ٤٢٨.