وأمّا الشبهات الحكمية ، فإن كان الزمان مفرّداً للموضوع وكان الحكم انحلالياً كحرمة وطء الحائض مثلاً ، فانّ للوطء أفراداً كثيرة بحسب امتداد الزمان من أوّل الحيض إلى آخره ، وينحل التكليف وهو حرمة وطء الحائض إلى حرمة امور متعددة ، وهي أفراد الوطء الطولية بحسب امتداد الزمان ، فلا يمكن جريان الاستصحاب فيها حتى على القول بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلية ، لأنّ هذا الفرد من الوطء وهو الفرد المفروض وقوعه بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال لم تعلم حرمته من أوّل الأمر حتى نستصحب بقاءها. نعم ، الأفراد الاخر كانت متيقنة الحرمة ، وهي الأفراد المفروضة من أوّل الحيض إلى انقطاع الدم ، وهذه الأفراد قد مضى زمانها إمّا مع الامتثال أو مع العصيان ، فعدم جريان الاستصحاب في هذا القسم ظاهر.
وإن لم يكن الزمان مفرّداً ولم يكن الحكم انحلالياً ، كنجاسة الماء القليل المتمم كراً ، فانّ الماء شيء واحد غير متعدد بحسب امتداد الزمان في نظر العرف ، ونجاسته حكم واحد مستمر من أوّل الحدوث إلى آخر الزوال ، ومن هذا القبيل الملكية والزوجية ، فلايجري الاستصحاب في هذا القسم أيضاً ، لابتلائه بالمعارض ، لأ نّه إذا شككنا في بقاء نجاسة الماء المتمم كراً فلنا يقين متعلق بالمجعول ويقين متعلق بالجعل ، فبالنظر إلى المجعول يجري استصحاب النجاسة ، لكونها متيقنة الحدوث مشكوكة البقاء ، وبالنظر إلى الجعل يجري استصحاب عدم النجاسة ، لكونه أيضاً متيقناً ، وذلك لليقين بعدم جعل النجاسة للماء القليل في صدر الاسلام لا مطلقاً ولا مقيداً بعدم التتميم ، والقدر المتيقن إنّما هو جعلها للقليل غير المتمم ، أمّا جعلها مطلقاً حتى للقليل المتمم فهو مشكوك فيه ، فنستصحب عدمه ، ويكون المقام من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر ، فنأخذ بالأقل لكونه متيقناً ، ونجري الأصل في الأكثر لكونه مشكوكاً فيه ، فتقع المعارضة بين