أنّ الشك في الحكم الشرعي تارةً يكون راجعاً إلى مقام الجعل ولو لم يكن المجعول فعلياً ، لعدم تحقق موضوعه في الخارج ، كما إذا علمنا بجعل الشارع القصاص في الشريعة المقدّسة ولو لم يكن الحكم به فعلياً لعدم تحقق القتل ، ثمّ شككنا في بقاء هذا الجعل ، فيجري استصحاب بقاء الجعل ويُسمّى باستصحاب عدم النسخ. وهذا الاستصحاب خارج عن محل الكلام. وإطلاق قوله عليهالسلام : «حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة» (١) يغنينا عن هذا الاستصحاب. واخرى يكون الشك راجعاً إلى المجعول بعد فعليته بتحقق موضوعه في الخارج ، كالشك في حرمة وطء المرأة بعد انقطاع الدم قبل الاغتسال.
والشك في المجعول مرجعه إلى أحد أمرين لا ثالث لهما ، لأنّ الشك في بقاء المجعول إمّا أن يكون لأجل الشك في دائرة المجعول سعةً وضيقاً من قبل الشارع ، كما إذا شككنا في أنّ المجعول من قبل الشارع هل هو حرمة وطء الحائض حين وجود الدم فقط ، أو إلى حين الاغتسال ، والشك في سعة المجعول وضيقه يستلزم الشك في الموضوع لا محالة ، فانّا لا ندري أنّ الموضوع للحرمة هل هو وطء واجد الدم أو المحدث بحدث الحيض ، ويعبّر عن هذا الشك بالشبهة الحكمية.
وإمّا أن يكون الشك لأجل الامور الخارجية بعد العلم بحدود المجعول سعةً وضيقاً من قبل الشارع ، فيكون الشك في الانطباق ، كما إذا شككنا في انقطاع الدم بعد العلم بعدم حرمة الوطء بعد الانقطاع ولو قبل الاغتسال ، ويعبّر عن هذا الشك بالشبهة الموضوعية. وجريان الاستصحاب في الشبهات الموضوعية مما لا إشكال فيه ولا كلام ، كما هو مورد الصحيحة وغيرها من النصوص.
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٨ / باب البدع والرأي والمقاييس ح ١٩.