وعدم وجوبه ، وكذا في طرف الجلوس.
وأمّا على القول بأن قيام الأمارة يوجب حدوث المصلحة في فعل المولى من الايجاب والتحريم ، فيمكن تصوير التزاحم ، فانّه إذا قامت أمارة على وجوب شيء وأمارة اخرى على حرمته ، فالأمارة الاولى توجب حدوث المصلحة في الايجاب ، والأمارة الثانية توجب حدوث المصلحة في التحريم ، فتقع المزاحمة بين المصلحة في جعل الوجوب والمصلحة في جعل الحرمة ، إلاّأنّ هذا التزاحم من التزاحم في الملاك الذي ذكرنا (١) أنّه خارج عن محل الكلام ، وليس للمكلف دخل فيه بل أمره بيد المولى. وحيث إنّه لا أهمية لإحدى المصلحتين على الاخرى على الفرض ، إذ الموجب لحدوث المصلحة قيام الأمارة ، وهي قائمة في الطرفين بلا تفاوت في البين ، فللمولى أن يجعل الوجوب وأن يجعل الحرمة. وأمّا بالنسبة إلى المكلف ، فنتيجة هذا التزاحم هي نتيجة التعارض من رفع اليد عن المتعارضين والرجوع إلى الاصول العملية ، إذ بعد تنافي الأمارتين لا علم لنا بأنّ المولى جعل الوجوب أو التحريم ، فلا بدّ من الرجوع إلى الأصل العملي ، ففيما إذا قامت أمارة على الوجوب واخرى على الحرمة ، يدور الأمر بين محذورين ويحكم العقل في مثله بالتخيير. وأمّا إذا قامت أمارة على الوجوب واخرى على عدمه ، فيكون مورداً لأصالة البراءة.
ولب المقال في المقام : أنّ رجوع التعارض إلى التزاحم ـ على القول بالسببية ـ مما لا أساس له على جميع التقادير المتقدمة ، إذ منشؤه توهم أنّ القائل بالسببية قائل بأن قيام الأمارة موجب لحدوث المصلحة ولو كانت الأمارة غير معتبرة ، وليس الأمر كذلك ، إذ من المعلوم أنّ القائل بالسببية قائل بأن قيام الحجة
__________________
(١) عند بيان الفرق بين التعارض والتزاحم ص ٤٢٦.