ولا قبح فيه أصلاً ، بخلاف تأخيره عنه ، فانّه محل خلاف بينهم ، ولذا اختلفوا فيما إذا ورد الخاص بعد العام فذهب بعضهم إلى كونه مخصصاً مطلقاً ، واختار آخرون كونه مخصصاً إن كان وروده قبل وقت العمل ، وناسخاً إن كان بعده لقبح تأخير البيان عن وقت الحاجة.
الثاني : وهو الأوضح من سابقه ، أنّ كون العام ناسخاً متوقف على دلالته على ثبوت حكمه من حين وروده ، إذ لو دل على ثبوته في أوّل الاسلام لا يكون ناسخاً البتة ، فلا يحتمل النسخ في الأخبار التي بأيدينا الواردة عن الأئمة المعصومين عليهمالسلام لأن ظاهرها بيان الأحكام التي كانت مجعولة في زمان النبي صلىاللهعليهوآله ، إذ الأئمة عليهمالسلام مبيّنون لتلك الأحكام لا مشرّعون ، إلاّأن تنصب قرينة على أنّ هذا الحكم مجعول من الآن ، فاذا ورد عن الباقر عليهالسلام : أنّ الطحال مثلاً حرام ، وورد عن الصادق عليهالسلام : أنّ جميع أجزاء الذبيحة حلال ، لا يحتمل كونه ناسخاً للخاص المتقدم ، لأن ظاهره أن أجزاء الذبيحة حلال في دين الاسلام من زمن النبي صلىاللهعليهوآله لا أنّها حلال من الآن ليكون ناسخاً لما ورد عن الباقر عليهالسلام. ولا فرق في ذلك بين الخاص والعام ، فلا يحتمل النسخ في الخاص الوارد بعد العام ، لعين ما ذكرناه في العام الوارد بعد الخاص.
وبالجملة : الحكم المذكور في الأخبار المروية عن الأئمة عليهمالسلام مقدّم بحسب مقام الثبوت وإن كان مؤخراً بحسب مقام الاثبات ، فتكون الأحكام الصادرة عن الأئمة سابقهم ولاحقهم عليهمالسلام بمنزلة الأحكام الصادرة عن شخص واحد ، فلا يكون الحكم الصادر عن اللاحق ناسخاً لما صدر عن السابق ، لكون الجميع حاكياً عن ثبوت الحكم في زمان النبي (صلّى