وجوب إكرام العلماء ، ودل دليل آخر على حرمة إكرام الفساق ، ودل دليل ثالث على كراهة إكرام العالم الفاسق ، فيقع التعارض بين الأوّلين في مادة الاجتماع ، وهو العالم الفاسق ، والثالث أخص منهما فيقدّم عليهما ، وبتقدمه يرتفع التعارض ، وتصير النتيجة وجوب إكرام العالم العادل ، وكراهة إكرام العالم الفاسق ، وحرمة إكرام الفاسق الجاهل.
الصورة الثانية : ما إذا وقع التعارض بين عامين من وجه ، وورد مخصص على أحدهما ـ أي على مورد الافتراق من أحدهما ـ فيقدّم الخاص على العام ، فتنقلب النسبة بين العامين من وجه إلى العموم المطلق لا محالة. وهذا أحد موارد انقلاب النسبة ، فيقدّم العام ـ الذي خرج منه مادة الافتراق ـ على العام الآخر ، إذ بعد خروج مادة الافتراق من العام الأوّل يكون أخص مطلقاً من العام الثاني ، مثلاً إذا دل دليل على استحباب إكرام العلماء ، ودل دليل آخر على حرمة إكرام الفساق ، ودل دليل ثالث على وجوب إكرام العالم العادل ، يقع التعارض بين الأوّل والثاني في مورد الاجتماع وهو العالم الفاسق ، وبعد تخصيص دليل الاستحباب بدليل الوجوب وإخراج العالم العادل عنه ، ينحصر مورده بالعالم الفاسق ، فيكون أخص مطلقاً من دليل الحرمة فيقدّم عليه لا محالة ، فتكون النتيجة وجوب إكرام العالم العادل ، واستحباب إكرام العالم الفاسق ، وحرمة إكرام الفاسق الجاهل.
هذا إن كان التخصيص وارداً على مادة الافتراق بتمامها كما مثلناه. وأمّا إن كان التخصيص وارداً على بعضها ، كما إذا دلّ الدليل الثالث في المثال السابق على وجوب إكرام العالم العادل الهاشمي ، فيبقى التعارض بحاله ولا بدّ من علاجه ، لأنّ النسبة التي كانت بين المتعارضين ـ وهي العموم من وجه ـ لم تنقلب عما كانت عليه ، بل هي باقية بحالها بعد تخصيص أحدهما أيضاً.