عدم جعل الحرمة في المثال المتقدم معارض باستصحاب عدم جعل الحلية ، لوجود العلم الاجمالي بجعل أحدهما في الشريعة المقدسة فيبقى استصحاب بقاء المجعول وهي الحرمة بلا معارض.
ويمكن الجواب عنه بوجوه :
الوجه الأوّل : أنّه لا مجال لاستصحاب عدم جعل الحلية ، لأنّ الحلية والرخصة كانت متيقنة متحققة في صدر الاسلام ، والأحكام الالزامية قد شرّعت على التدريج ، فجميع الأشياء كان على الاباحة بمعنى الترخيص والامضاء كما يدل عليه قوله عليهالسلام : «اسكتوا عما سكت الله» (١) وقوله عليهالسلام : «كلّ ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٢) نعم ، بعض الأحكام الذي شرّع لحفظ النظام كحرمة قتل النفس ، وحرمة أكل أموال الناس ، وحرمة الزنا ، وغيرها من الأحكام النظامية غير مختص بشريعة دون شريعة ، وقد ورد في بعض النصوص (٣) أنّ الخمر ممّا حرّمت في جميع الشرائع. والحاصل أنّ وطء الحائض مثلاً كان قبل نزول الآية الشريفة «فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ» (٤) مرخّصاً فيه ، فلا مجال لاستصحاب عدم جعل الحلية.
الوجه الثاني : أنّه لا معارضة بين استصحاب عدم جعل الحلية واستصحاب عدم جعل الحرمة ، لامكان التعبد بكليهما بالتزام عدم الجعل أصلاً لا جعل
__________________
(١) بحار الأنوار ٢ : ٢٦٠ / كتاب العلم ب ٣١ ح ١٤ (باختلاف يسير).
(٢) الوسائل ٢٧ : ١٦٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٣٣.
(٣) الوسائل ٢٥ : ٢٩٦ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٩ ح ١.
(٤) البقرة ٢ : ٢٢٢.