ففيه الرشاد» فاذا كانت مخالفة العامة بنفسها من المرجحات بلا احتياج إلى انضمام موافقة الكتاب إليه ، كانت موافقة الكتاب أيضاً مرجّحة مستقلة ، فانّه لو لم تكن موافقة الكتاب مرجحة مستقلة ، لكان انضمامها إلى مخالفة العامة من باب ضم الحجر إلى جنب الانسان ، غاية الأمر أنّ الإمام عليهالسلام فرض أحد الخبرين جامعاً لكلا المرجحين ، والآخر فاقداً لهما ، وأمر بالأخذ بالجامع وطرح الفاقد ، وبعد سؤال الراوي عن الواجد لأحد المرجحين أمر بالأخذ به أيضاً.
ثمّ إنّه لم يذكر في المقبولة حكم الخبرين المتعارضين إذا كان أحدهما موافقاً للكتاب والآخر مخالفاً للعامة ، إذ المذكور فيها حكم الواجد والفاقد لكلا المرجحين والواجد والفاقد لأحد المرجحين ، وأمّا إن كان أحدهما واجداً لمرجح والآخر واجداً للمرجح الآخر ، كما إذا كان أحد الخبرين موافقاً للكتاب والعامة ، والآخر مخالفاً للكتاب والعامة ، فلم يذكر حكمه في المقبولة ، إلاّأنّ حكمه يعلم من خبر صحيح رواه الراوندي بسنده عن الصادق عليهالسلام أنّه عليهالسلام قال : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه» (١) فبمقتضى هذه الصحيحة يحكم بتقديم الخبر الموافق للكتاب وإن كان موافقاً للعامة ، وطرح الخبر المخالف للكتاب وإن كان مخالفاً للعامة.
فالذي تحصّل مما ذكرناه : أنّ المرجّح المنصوص منحصر في موافقة الكتاب
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١١٨ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢٩.