وأمّا الرواية الثانية الدالة على وجوب الأخذ بالمتأخر من المتعارضين ، فموردها المكلف العالم بصدور كلا الحكمين عن الإمام عليهالسلام المعاصر له ، ولا بدّ له من العمل بالمتأخر ، لأنّ المتقدّم لو صدر عن تقية لكان المتأخر صادراً لبيان الحكم الواقعي ، ولو كان المتأخر صادراً عن تقية يجب الأخذ به أيضاً ، لوجوب رعايتها ، فانّ الإمام عليهالسلام أعرف بمصالح الوقت ، وهذا غير جار في حقنا ، فانّ المتقدّم والمتأخر بالنسبة إلينا على حد سواء ، إذ لا علم لنا بصدورهما ، ونحتمل أن لا يكون شيء منهما صادراً ، وعلى تقدير صدورهما واقعاً ، لا نعلم أنّ أياً منهما صدر لبيان الحكم الواقعي ليكون عملنا عليه مع عدم المقتضي للتقية في حقنا ، فلا بدّ حينئذ من الرجوع إلى مرجح آخر.
مضافاً إلى أنّه لو كان المراد في هذه الرواية كون التأخر مرجحاً لأحد المتعارضين ، لكانت منافية لجميع أخبار الترجيح ، ضرورة تأخر صدور أحد المتعارضين عن الآخر ، فلا بدّ من طرح هذه الرواية ، إذ لو عمل بها لم يبق مورد للعمل بأخبار الترجيح. نعم ، مجهولي التاريخ خارج عن مفاد هذه الرواية ، ولكن لا يعمل بسائر الترجيحات فيهما ، لأنّا نعلم بتأخر أحدهما عن الآخر وقد اشتبه علينا المتأخر ، فيكون من باب اشتباه الحجة بغير الحجة ، فلا يمكن الأخذ بواحد منهما.
اللهمّ إلاّأن يقال : إنّ بقاء جميع الأخبار العلاجية بلا مورد على تقدير العمل بهذه الرواية قرينة على اختصاص هذه الرواية بصورة العلم بتاريخ المتعارضين ، وأمّا مع الجهل بالتاريخ كان المرجع بقية الروايات ، فلا يلزم حينئذ طرح هذه الرواية لمنافاتها معها.
الأمر الثاني : أنّه لو شك في اعتبار مرجّح وعدمه ، فعلى تقدير تمامية دلالة