حدثتك بحديثٍ العام ثمّ جئتني بعد ذلك فتسألني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك ، أو أفتيتك بخلاف ذلك ، بأ يّهما كنت تأخذ؟ قلت : بأحدثهما وأدع الآخر ، فقال عليهالسلام : قد أصبت يا أبا عمرو ، أبى الله إلاّأن يعبد سراً ، أما والله لئن فعلتم ذلك إنّه لخير لي ولكم ، أبى الله (عزّ وجلّ) لنا في دينه إلاّ التقية» (١).
أقول : أمّا الرواية الاولى ، فلا يصح التمسك بها للترجيح ، إذ لو كان المراد من النسخ في هذه الرواية هو النسخ الاصطلاحي ـ بناءً على إمكانه بعد انقطاع الوحي أيضاً ، لكونه بمعنى بيان أمد الحكم لا ارتفاع الحكم المستمر ـ فلا بدّ من أن يكون المراد من الحديث الناسخ للحديث النبوي مقطوع الصدور ، فان ضرورة المذهب قاضية بعدم نسخ الكتّاب والسنّة بالخبر الظني ، بل هذا مما اتفق عليه الفريقان. فاذن لو كان المراد من النسخ هو النسخ الاصطلاحي ، فلا بدّ من أن يكون المراد من الناسخ المقطوع الصدور ، وهو خارج عن محل الكلام. وإن كان المراد من النسخ معناه اللغوي ليشمل التخصيص والتقييد ـ كما قد اطلق عليهما في بعض الأخبار ـ فكان المراد تخصيص العموم المروي عن النبي صلىاللهعليهوآله بالمخصص المروي عن الإمام عليهالسلام أو تقييده به ، ولا مانع منه ولكنّه أيضاً خارج عن محل الكلام ، لأنّ الكلام في المتعارضين اللذين لا يكون بينهما جمع عرفي كما تقدّم (٢).
__________________
(١) الكافي ٢ : ٢١٨ / باب التقية ح ٧ ، الوسائل ٢٧ : ١١٢ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١٧.
(٢) في بداية بحث التعادل والترجيح فراجع.