يكون جاهلاً بها. وعلى الثاني فالأمر كما ذكرناه ، ضرورة أنّ الفتوى بالوجوب حينئذ لا تكون حجة في حقه مع عدم وجوب الفحص عنها في حقه على ما سنبينه (١) إن شاء الله تعالى ، فلا مانع من الأخذ بفتوى من يقول بعدم الوجوب اعتماداً على الأصل العملي ، فانّ موضوع الأصل وهو عدم قيام الحجة على الحكم موجود في حق العامي أيضاً وجداناً ، ولا يقاس ذلك بموارد تمكن المجتهد من الوصول إلى الحجة في الشبهات الحكمية ، حيث لا يجوز له الرجوع إلى الأصل العملي فيها ، فانّ موضوع الأصل عدم قيام الحجة على التكليف ، وهو غير محرز قبل الفحص ، فانّ الحجة حجة بوجودها الواقعي لا بوصولها إلى المكلف ، وأين هذا من محل الكلام الذي فرض فيه عدم حجية فتوى القائل بالوجوب مثلاً قبل وصولها إلى العامي. وأمّا على الأوّل وهو ما إذا وصل إلى العامي فتوى القائل بالوجوب مثلاً ، فالصحيح في مورده عدم جواز الرجوع إلى من يرى عدم الوجوب ، لمعارضتها بفتوى من يقول بالوجوب ، فلا بدّ من الاحتياط ، لكون الشبهة حكمية. ولا مجرى للأصل في موردها قبل الفحص ، والمفروض أنّ العامي عاجز عنه.
نعم ، لو تم ما ذكره شيخنا الأنصاري (٢) قدسسره من الاجماع على عدم وجوب الاحتياط على العامي ، صح الرجوع إلى فتوى من يقول بعدم الوجوب ، ويكون الاجماع حينئذ هو الدليل في المسألة وإن كان على خلاف القاعدة ، وانتظر تمام الكلام في محلّه (٣) إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) في ص ٥٤٦.
(٢) الاجتهاد والتقليد : ٥٠.
(٣) في ص ٥٤٦ ـ ٥٤٧.