نفسه ، لما مرّ غير مرّة ويأتي (١) إن شاء الله تعالى من أنّ الملاك في الحكومة ليس مجرد كون أحد الأصلين سببياً والآخر مسببياً ، بل الملاك كون المشكوك فيه في أحد الأصلين أثراً مجعولاً شرعياً للأصل الآخر ، كما في المثال المعروف وهو ما إذا غُسل ثوب نجس بماء مشكوك النجاسة ، فالشك في نجاسة الثوب مسبب عن الشك في طهارة الماء ، وجريان أصالة الطهارة في الماء موجب لرفع الشك في طهارة الثوب ، لأن من الآثار المجعولة لطهارة الماء هو طهارة الثوب المغسول به ، فاصالة الطهارة في الماء تكون حاكمة على استصحاب النجاسة في الثوب ، بخلاف المقام ، فانّه ليس عدم حرمة الوطء من الآثار الشرعية لأصالة عدم جعل الحرمة ، بل من الآثار التكوينية له ، لأن عدم الحرمة خارجاً ملازم تكويناً مع عدم جعل الحرمة ، بل هو عينه حقيقة ، ولا مغايرة بينهما إلاّنظير المغايرة بين الماهية والوجود ، فلا معنى لحكومة أصالة عدم جعل الحرمة على استصحاب بقاء المجعول.
الثالث : ما ذكره المحقق النائيني (٢) قدسسره : وهو أنّ استصحاب عدم الجعل غير جارٍ في نفسه ، لعدم ترتب الأثر العملي عليه ، لأنّ الجعل عبارة عن إنشاء الحكم في مقام التشريع ، والأحكام الانشائية لا تترتب عليها الآثار الشرعية ، بل ولا الآثار العقلية من وجوب الاطاعة وحرمة المعصية مع العلم بها فضلاً عن التعبد بها بالاستصحاب ، فانّه إذا علمنا بأنّ الشارع جعل وجوب الزكاة على مالك النصاب ، لا يترتب على هذا الجعل أثر ما لم تتحقق ملكية في الخارج. وعليه فلا يترتب الأثر العملي على استصحاب عدم الجعل ،
__________________
(١) يأتي في ص ١٢٩ ، ١٦٩ ، ٣٠٣.
(٢) أجود التقريرات ٤ : ١١٣ ، فوائد الاصول ٤ : ٤٤٧.