وبالجملة : لمّا كان وزر عمل العامي على المفتي ، صح إطلاق التقليد على العمل بفتواه باعتبار أنّه قلادة له.
فالصحيح في تعريفه أن يقال : هو العمل استناداً إلى فتوى الغير. وما في الكفاية (١) ـ من أنّه لو كان عبارة عن نفس العمل بفتوى الغير ، لزم أن يكون العمل الأوّل بلا تقليد ، فانّه غير مسبوق بالعمل ـ لا وجه له ، فانّه لا دليل على سبق التقليد على العمل ، بل المعتبر أن لا يكون العمل بلا تقليد ، وهذا المعنى موجود في العمل الأوّل أيضاً ، فانّه عمل مستند إلى فتوى المجتهد.
وأمّا مسألة جواز البقاء على تقليد الميت وحرمة العدول عن تقليد الحي إلى الآخر ، فليست متفرعةً على أنّ معنى التقليد هو الالتزام بالعمل ، بأن يقال كما قيل : لو التزم بالعمل ولم يعمل فمات المجتهد لا يجوز البقاء على تقليده ، وكذالو التزم ولم يعمل يجوز العدول عنه إلى الآخر. وأمّا لو عمل يجوز البقاء في الأوّل ولا يجوز العدول في الثاني ، هذا إذا كان التقليد عبارة عن العمل. وأمّا لو كان عبارة عن الالتزام فيجوز البقاء في الأوّل ولا يجوز العدول في الثاني بعد الالتزام ولو لم يعمل ، وذلك لأنّ الحكم ـ في كل واحدة من المسألتين من حيث السعة والضيق ـ تابع للمدرك فيهما ، بلا فرق بين أن يكون التقليد عبارة عن
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٧٢.