ويستدل عليه بامور :
منها : أنّ فتوى الأعلم متيقن الاعتبار ، وفتوى غيره مشكوك الاعتبار ، وذكرنا مراراً أنّ مقتضى حكم العقل ـ عند دوران الحجة بين التعيين والتخيير ـ هو التعيين.
وهذا الوجه إنّما ينفع فيما لم يثبت التخيير بدليل ، وإلاّ فلا تصل النوبة إلى العمل بالأصل مع وجود الدليل.
ومنها : قوله عليهالسلام في مقبولة عمر بن حنظلة : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما حكم به الآخر» (١) حيث جعل عليهالسلام الاعتبار بقول الأفقه دون غيره.
وفيه أوّلاً : ضعف المقبولة من حيث السند كما تقدّم (٢). وثانياً : أنّها واردة في مورد الاختلاف كما يفصح عنه قول السائل : «فاختلفا فيما حكما» فموردها خارج عن محل الكلام ، وهو صورة عدم العلم بالاختلاف. وثالثاً : أنّ موردها الحكومة وفصل الخصومة ، ولا وجه للتعدي منه إلى الافتاء ، بل قوله عليهالسلام : «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما ...» إلخ يدل على الاختصاص من وجهين :
الأوّل : أنّ الإمام عليهالسلام أمر بالأخذ بما يقوله أفقه الحكمين ، وهذا مختص بباب القضاء ، وأمّا في مقام الافتاء فلا بدّ من الرجوع إلى أفقه جميع المجتهدين لا إلى أفقه الشخصين.
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.
(٢) في ص ٤٩١.