وأمّا المقام الثاني : وهو ما إذا علم الاختلاف بين الميت والحي تفصيلاً أو إجمالاً ، ففي مورد التقليد الابتدائي لا يجوز الرجوع إلى فتوى الميت ، سواء كان أعلم من الحي أم كان الحي أعلم منه ، لما تقدم من اعتبار الحياة في المفتي بالنسبة إلى التقليد الابتدائي ، وأمّا في مورد البقاء ، فحيث إنّه لا دليل على اعتبار الحياة في المفتي حال العمل برأيه ، فان كان الحي أعلم من الميت يجب الرجوع إليه ، لعدم اعتبار فتوى غير الأعلم في صورة العلم بمخالفته لفتوى الأعلم كما تقدّم. وبذلك يظهر حكم ما لو كان الميت أعلم من الحي ، فانّه يجب البقاء حينئذ.
ودعوى الاجماع على عدم وجوب البقاء ، وأنّ الأمر دائر بين جواز البقاء ووجوب العدول غير مسموعة ، لعدم ثبوت هذا الاجماع ، لعدم كون هذه المسألة معنونة في كلمات كثير من القدماء. نعم ، لو كانت فتوى غير الأعلم موافقة للاحتياط ، جاز العمل على طبقها من باب الاحتياط لا لجواز تقليده كما تقدم سابقاً.
وأمّا إن كانا متساويين ، فمع إمكان الاحتياط يجب ، ومع عدمه أو مع عدم وجوبه ، للاجماع المدعى في كلام الشيخ قدسسره (١) يجب البقاء ، لدوران الأمر بين التعيين والتخيير في الحجة ، ويحكم العقل بالتعيين. وبالجملة يعامل مع الميت والحي في هذه المسألة معاملة المجتهدين الحيين المتساويين ، مع العلم بالمخالفة.
بقي في المقام أمران لا بدّ من التعرض لهما :
__________________
(١) الاجتهاد والتقليد : ٥٠.