الظاهري هو الشك وغايته العلم ، إذ الشك يرتفع بالعلم ، فيكون العلم ملحوظاً بنحو الاستقلال والموضوعية ، ولا يمكن اجتماع الطريقية والموضوعية في العلم ، لأن معنى الموضوعية ارتفاع الحكم بالعلم ، ومعنى الطريقية عدم ارتفاعه به ، فيكون الجمع بينهما كالجمع بين المتناقضين.
وهذا الاشكال مندفع بما ذكرناه في تقريب هذا الوجه من أنّ العلم ليس غايةً للحكم الواقعي ولا للحكم الظاهري ، بل غاية للحكم بالبقاء والاستمرار ، فيكون دالاً على استصحاب الحكم السابق سواء كان واقعياً أو ظاهرياً ، فبقوله عليهالسلام : «كل شيء نظيف» تمّت إفادة الحكم الواقعي والظاهري لشمول الشيء للشيء المعلوم والشيء المجهول على ما ذكرنا ، ويكون قوله عليهالسلام : «حتى تعلم» إشارة إلى الحكم ببقاء الحكم الثابت سابقاً واستمراره إلى زمان العلم بالنجاسة ، فيكون العلم موضوعياً وقيداً للاستصحاب ، لأنّه بالعلم يرتفع الشك ، وبارتفاعه لم يبق موضوع للاستصحاب كما هو ظاهر.
الاشكال الثالث : أنّه لا يمكن اجتماع الحكم الواقعي والظاهري في نفسه مع قطع النظر عن الغاية ، وذلك لأنّه إذا استند الحكم إلى العام الشامل للخصوصيات الصنفية والخصوصيات الفردية ، فلا محالة يكون الحكم مستنداً إلى الجامع بين الخصوصيات لا إلى الأفراد بخصوصياتها ، فانّه إذا قيل أكرم كل إنسان ، فهذا الحكم وإن كان شاملاً لجميع أصناف الانسان وأفراده ، إلاّأ نّه مستند إلى الجامع لا إلى الخصوصيات الصنفية أو الفردية ، فانّه يقال : هذا يجب إكرامه لأنّه إنسان لا لأنّه عربي أو لأنّه زيد مثلاً ، فلا دخل للخصوصيات في الحكم ، فقوله عليهالسلام : «كل شيء نظيف» وإن كان شاملاً للشيء المشكوك ، إلاّأ نّه بعنوان أنّه شيء لا بعنوان أنّه مشكوك ، إذ كونه مشكوكاً